عملية “تكميم المعدة” و الهجرة للخارج .. هل من تشابه ؟!

كتبت . إيمان الحريري
انتشرت فى الآونة الأخيرة عملية ” تكميم المعدة ” كاجراء طبي حاسم للقضاء على السمنة و انقاص الوزن .
و فيها يتم استئصال 80% تقريبًا من المعدة مع ترك جزء منها يشبه الأنبوب وفي حجم وشكل ثمرة الموز . ليعيش الإنسان بعدها على المتبقي و هو 20% فقط من حجم المعدة . هذا العضو الهام المسئول عن هضم الطعام ليسهل بعد ذلك امتصاص العناصر الغذائية الموجودة فيه فى الأمعاء . هذة العناصر الغذائية الهامة لحياة خلايا و أعضاء الجسم كله .
و من بعد اجراء العملية يعيش المريض على نظام قاسي يعتمد على تناول الماء فقط ثم إدخال السوائل مثل العصائر و الشوربات . ثم ينتقل بعدها الى مرحلة الأكلات المسلوقة المهروسة بكميات صغيرة جدا على مدى شهرين تقريبا . و هكذا بالتدريج الى ان يعود لتناول المأكولات الاعتيادية مع الالتزام بقائمة محظورات و لا يستطيع أبدا تناول اكثر من كميات صغيرة و اصناف محددة .
المدهش و المحزن فى القصة انه لو كان المريض التزم بهذة الانظمة فى اكله لمدة ٦ اشهر فقط لكان فقد وزنه بالفعل بشكل طبيعى جدا بدون الحاجة لعمليات و مصروفات و نظام حياة أبدى قاسي يؤدى به فى احيان كثيرة للاكتئاب . فهو لا يستطيع ان يعود لتناول الطعام بشكل طبيعى أبدا لا كما و لا كيفا لأن امكانية الجزء المتبقي من المعدة على الهضم و الامتصاص اصبحت محدودة . فيعيش حياته بعدها على نظام غذائي صارم و محدد الكميات مع قائمة من الممنوعات و مع ضرورة التزامه بتناول كم كبير ايضا من الفيتامينات و الكبسولات التعويضية عن المعادن و العناصر الغذائية الهامة التى أصبح لا يستطيع الحصول عليها مع انكماش حجم المعدة .
في الماضى كانت عملية انقاص الوزن تتطلب ارادة و تصميم و تتم على محورين . اتباع الحمية الغذائية او الدايت مع زيادة المجهود البدنى عن طريق ممارسة الرياضة بشكل منتظم . و يتم ذلك خلال فترة زمنية معقولة و من بعدها يعود الشخص لتناول الطعام الاعتيادي بشكل طبيعى مع متابعة الوزن من وقت لآخر . و لكن مع ظهور فكرة التكميم كان من المفترض ان تظل حلا أخيرا يتم اللجوء إليه فقط فى حال ما فشلت كل المحاولات الطبيعية لانقاص الوزن و لكن مع الأسف هذة الأيام نجد الاستسهال و الهرولة نحو اجراء التكميم بدون النظر للعواقب .
على الجانب الآخر و بالمثل ايضا نجد من يهاجر من بلده ليس بحثا عن العلم الأكثر تقدما فى الخارج او للبحث عن عمل أفضل و لكنه يهاجر لان بلده تفتقد النظام و النظافة و الانضباط . فيبحث عن نظام حياة يوفر له كل هذة العناصر . فيذهب لاحد البلدان الغربية ليعيش فيها . فيجد نفسه مضطرا و مجبرا على ان يلتزم بقوانين المرور التزاما تاما و لا يرفع صوته على الآخرين و يقف فى الطابور و يمتثل للقوانين امتثالا كاملا. فلا يرمى ورقة فى الأرض ابدا و لا يكسر إشارة مرور على الإطلاق و يحترم الجميع و لا يعتدي أبدا على بشر او حجر فحتى الحيوانات فى الشارع هناك قوانين تحميها . بينما لو التزم بكل هذا و عاش بهذة الطريقة فى بلده و احترم قوانينها و طبق النظام الذى يبحث عنه فيها لما احتاج للسفر و الهجرة و لما ذاق مرارة الغربة و الفراق عن الأهل و الأحبة .
و مع النظام و الانضباط فى الحياة و انتشار قيم الحرية و احترام الآخر يجد المهاجر نفسه مضطرا الى ان يتقوقع على نفسه فى احيان كثيرة خوفا على أولاده من رياح التغيير مع الاحتكاك بقيم المجتمع الغربي المنفتح الذى انتقل إليه.
الخلاصة انك لو بدأت بنفسك و بحثت عن حل مشاكلك بتغيير ذاتك لوصلت لما تحلم به . فاصلاح الذات مع انه طريق صعب وطويل و يحتاج للجلد و المثابرة الا انه يستحق و يحقق لنا نتائج افضل و تدوم طويلا بدلا من الاستسهال .
فمريض السمنة الذي أجرى التكميم اصبح يعيش حياته مسجونا داخل نظام غذائي صارم و يعانى من ضعف عام و يجب ان يستمر طوال حياته على نظام قاسي يحفظ له الحصول على العناصر و الفيتامينات الاساسية لحياته .
و كذلك المهاجر الذي سافر ليحظى بحقوق المواطن الغربي الفائقة التميز وجد انه عليه فى مقابل هذة الحقوق الكثير من الواجبات التى يجب ان تُؤَدى و الا وجد نفسه مطرودا من الجنة التى يعيش فيها .