تأثير الإعلام.. بقلم: محمد كمال قريش

تأثير الإعلام..
بقلم: محمد كمال قريش
“اعطني إعلام بلا ضمير، اعطيك شعبًا بلا وعي”
تختصر مقولة جوزيف جوبلز وزير إعلام هتلر هذه الكثير والكثير، ومنها يتضح لنا حجم التأثير الذي تحدثه وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة في عقول الشعوب، وما إذا طبقناها على ثقافة الشعب المصري، الذي بدوره يؤثر على شعوب المنطقة، ستتأكد لدينا رؤية جوبلز، ونقر بأنه كان على حق.
يخطئ البعض عندما يقول إن العمل السينمائي أو الدرامي يعكس الواقع، فإن تلك الأعمال هي التي تصنع الواقع لا العكس، وذلك وفق ما في مخيلة كاتبيها. بعد انتهاء عرض أحد أفلام الممثل محمد رمضان خرج الجمهور الذي أغلبه من الشباب إلى الشارع وهو عاري الصدر في تقليد سريع للبطل الذي لم يظهر في أي مشهد تقريبًا إلّا وهو عاري الصدر.
تتماشى أفكار وأفعال عامة الشعب الذين يأخذون ثقافتهم من الإعلام مع ما ينتجه الإعلام. أذكر قبل سنوات ليست ببعيدة، كانت لدى الكثيرين في مصر ولاسيما الجيل الناشئ رؤية مغايرة عما هم عليها الآن عن قضية فلسطين. كان الشارع يتفاعل بصورة واضحة مع ما تبثه نشرات الأخبار، فترى صدور مفعمة قلوب أصحابها بتعاطف كبير مع الشعب الفلسطيني المقهور، وحلم معظمهم لو يُعطى فرصة للدفاع عن فلسطين ومقدساتها. وكانت تخرج مظاهرات من جميع نواحي الدولة تندد بالاحتلال وتطالب بحرية فلسطين، على الرغم من تأكدهم من ضعف موقفهم. لكن الإعلام كان قد هيأ لهم أجواء مناسبة تمامًا للتظاهر وتفريغ ما يكبتونه من مشاعر.
في الآونة الأخيرة ركزت صناعة السينما في مصر على أشياء مثل: الغناء والرقص، بشكل هزلي سمج، وتجارة السلاح وكيفية حمله والقتال به، والمخدرات. واقتنع أغلب منتجو الأفلام أن ذلك هو ما يدفع العمل إلى النجاح، وهذا هو هدفهم الرئيسي؛ الإيرادات. لقد جعلوا المشاهد بالتدريج لا يرى غير ذلك، ثم قالوا هو يريد ذلك.
وإنّ تأثير السينما والدراما لجلي جِدًّا على الشارع المصري، فإن انحدار الذوق العام في خيارات الكثير من الناس دليل على ذلك، مثل استماعهم للأغاني، واتجاه البعض إلى التفكير في هجران الدراسة وسلك سبل الشهرة والنجاح، عن طريق التمثيل أو غناء ما يُسمى بالمهرجانات، أو عن طريق السوشيال ميديا، بفيديوهات تافهة ومحتوى أتفه.