ماذا حدث    بقلم: محمد كمال قريش

ماذا حدث؟

 

بقلم: محمد كمال قريش

 

كان القليل يجمعنا، يكفينا، ويسعدنا. نتجمع حول مدفئة في الليالي الباردة، لا تدفئنا النار؛ بل الجَمعة. لا تضحكنا النكتة؛ بل روح قائلها. لا تبسطنا الحكايا؛ بل ابتسامة حاكيها. لا نفرح بالعطاء ولا نأخذه لحاجتنا فقط؛ بل لسماحة عاطينا.

ماذا حدث؟

كان الراديو أقصى تطلعاتنا للتسلية.. الآن في آيادينا الهواتف، وفي منازلنا الشاشات، وعلى أسرتنا اللابات، ولا نستشعر التسلية. ولن نتسلى، طالما أننا لا نتسلى من أجل التسلية؛ بل لننشغل عن همومنا.

ماذا حدث؟

كنا نتوق لشحن كارت بعشرة جنيهات حتى نتحدث مع أحباؤنا وأصدقاؤنا فنكون قريبون منهم، الآن هم قريبون منّا ولا نحدثهم. الآن ينتهي الشهر ورصيدنا ينفذ لأنه انتهى، لا لأننا استعملناه. الآن كثرت عروض الاتصالات، وقلت الاتصالات. الآن الكثير (متصل الآن) والقليل جدًا من نتواصل معه، فكلمتي (متصل الآن) صارتا تعنيا لنا، أنه بخير، فلا حاجة للاتصال.

ماذا حدث؟

صار سوء الظن أسلوب حياة، نفهم الضحكات على أنها رياء، والابتسامات على أنها نفاق، والتحيات على أنها كبرياء، سواء حُيينا أم لم نُحيى. وصرنا لا نكتشف الرياء والنفاق والكبرياء الحقيقي، لأننا لا نريد الاكتشاف، فقلوبنا باتت لا تتحمل الحقيقية، والحقيقة أننا أصبحنا منافقون.

ماذا حدث؟

الكل يقول فرقتنا التكنولوجيا وعليّ بنفسي، سوف أبدأ أنا بالتواصل، ولا يبدأ. سوف أبادر أنا بحسن الظن، ولا يبادر. سوف أبتسم من قلبي، ولا يبتسم. سوف أفهم ما يصير.. ولا يفهم، لأنه لا يريد أن.. يفهم.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى