محمد كمال قريش يكتب: قاتل المشاهير

محمد كمال قريش يكتب: قاتل المشاهير
اسمي عامر، اليوم هو السبت، إنه يومي المفضل. كان صديقي المقرب علي منصور يزورني يوميًا في الشقة القديمة التي أعيش فيها بمفردي بعدما انتقلت عائلتي للعيش في شقتنا الجديدة. قلت كان يزورني، لأنه لم يزرني منذ أسبوع، فقد قتلته يوم السبت الفائت، تذكر.. السبت هو يومي المفضل.
اكره المشاهير، لكرهي (للتريندات)، لكن علي منصور كان مهووسًا بالشهرة، وحلم حياته أن منشورًا له على فيس بوك يصبح تريند.. فيصير عليًا معروفًا.
في ليلة السبت الفائت، وكانت الساعة الواحدة صباحًا، خطرت لي فكرة لا تخطر على بال شيطان، وقررت أن أنفذها، لمساعدة علي كي يحقق حلم حياته.. ويُشهر.
من سعادتي لأنني سأساعده على تحقيق حلمه، لم أنتظر بزوغ الفجر عندما يقوم عليًا ليصلي، وهاتفته رغم علمي بأنه نائم، فقد تركني وانصرف إلى داره قبل ساعة فقط من مهاتفتي له.
لا تتصورون كم فرح عليًا باقتراحي، وقال بالحرف: خطة جهنمية يا عامر يا ابن الذين. ابتسمت، وقلت له غدًا ننفذها يا علي. ثم سألته: هل معك نت؟ قال: لا.. لكنني سأجدد باقتي على النوتة حالًا. مسكين يا علي، ستموت مشهورًا ومدان.
____
بعد العِشاء بنصف ساعة، حضر علي.
هيا ننفذ خطتنا يا عامر، لقد كتبت على فيس بوك “نفسي أتشهر قبل ما أموت” مثلما طلبت مني. قال علي.. كان متعجلًا على موته. وقلت له: جميل، قم بالنشر، وسأقوم بمشاركة منشورك على صفحتي وفي جميع الجروبات، وسأطلب من أصدقائي أن يشاركونه، وأأكد لك.. لن يأتي ظهر غدًا إلّا وقد حقق منشورك عشرات الآلاف من الإعجابات والتعليقات والمشاركات.. تعاطفًا معك.
تركت منشور علي يمر عليه دقائق حتى لا يظهر أننا متفقان على ذلك، وقمت أحضر كوبًا من الشاي، كوبًا واحدًا.. فإنه لن يشرب.
عدت بعد دقائق وفي يدي كوب الشاي، وسكينًا ضخمًا حادًا، وضعت كوب الشاي على المنضدة، ورفعت السكين أمام عيني ونظرت إليه بابتسامة، ثم نظرت لعلي الذي كانت السعادة بادية على وجهه. ثم اقتربت منه وهمست في أذنه، لا تنساني بعد أن تصبح مشهورًا يا صديقي. وقبل أن يتحدث، غرست السكين في صدره، صرخ علي، تراجعت خطوة للخلف ولا يزال السكين مغروسًا حتى مقبضه في صدره، ووسط ذهول صديقي الذي كان يتفحصني بعينيه الواسعتين، تقدمت وسحبت السكين من صدره، وطعنته عدة طعنات.. كي يموت سريعًا.
انتظرته حتى يموت، كي لا أكون كاذبًا عندما أخبر أصدقائي أنه مات. وفتحت فيس بوك، فوجدت منشوره الذي لم يحقق ولو إعجابًا واحدًا، فقمت بمشاركته، بعد أن كتبت: علي مات.
دلفت إلى غرفتي، أعددت حقيبة سفري، وخلدت إلى النوم. وكانت خطتي هي، بعدما أصلي الفجر، سوف أرحل من هنا، إلى أي مكان.. لأن أهل علي سيهجمون غدًا على شقتي، وذلك عندما يرون منشوري.
____
لقد نجحت الخطة، فعندما استيقظت وجدت منشوري قد شاركه الكثيرين، ومنشور علي تجاوز مائة ألف إعجاب وتعليق، وصار عدد من يتابعونه فوق المائة ألف أيضًا.. ابتسمت ودمعت عيناي من السعادة؛ الآن أصبحت مشهورًا يا صديقي.
وضعت حقيبتي خلف ظهري، بعدما أخذت (حمامًا باردًا) وصففت شعري بعناية، وارتديت ساعتي، ووضعت نظارتي على عيني. ثم ألقيت على صديقي نظرة أخيرة قبل أن أرحل، نظرة تحمل كل الحب والشوق، بالطبع.. سأشتاق لك يا علي.
____
أنا الآن أقرأ تعليقات الناس على منشوري، الجميع متفق على أنني قتلت صديقي! لماذا لا أرى أحدًا يقول أنني سبب شهرته؟! على كل، لقد وكلت بمهام ضخمة، الجميع يطلب مساعدتي، المائة ألف الذين شاركوا منشور علي منصور الذي هو “نفسي أتشهر قبل ما أموت” يطلبون الشيء ذاته، ينادونني، يطلبون مساعدتي على الشهرة، وأنا لم أتعود على خذلان أحد من قبل، اطمئنوا.. أنا قادم لمساعدتكم.
وأنت.. لا تنسى يا صديقي أنك بت تعرف سري مثلهم، بل تعرف أكثر مما يعرفون، الجميل أنك تجهل مكاني.. وأنا أعرف مكانك.