العالية إمرأة همشها التاريخ وخلدتها أعمالها

بقلم : الاعلامية / د هاله فؤاد
المرأة دائما وأبدا تتعرض للتهميش سواء في حياتها أو بعد مماتها ، بالرغم من تأثيرها في المجتمع والذي لاينمو الا بوجودها .
ولكن لاندري لماذا هذا التهميش ، عموما هذا ليس موضوعنا اليوم للمناقشة ، بل للتذكرة .
من هؤلاء النساء المهمشات الرائعات ،( العالية ) وهي إمرأة جزائرية خلد إسمها وارتبط بمقبرة العالية ، فالناس جميعا في الجزائر يعلمون جيدا ان هذه المقبرة سميت باسمها لأنها تبرعت بقطعة أرض بمساحة 78 هكتارا وقفا لله تعالى من أجل دفن موتى المسلمين مجانا حيث كانت أدارة الاستعمار الفرنسي تفرض إتاوات تعجيزية على الجزائريين من أجل دفن موتاهم .
ولكن من هي العالية ؟
العالية إمرأة صالحة وهبت حياتها للخير وإسعاد الناس ، هي العالية حمزة أم تيريزا الجزائر ، لم تقيد في سجلات الحالة المدنية إلا بعد أربع سنوات من ميلادها أي سنة 1890 م ، ولدت بمنطقة سور الغزلان ولاية البويرة ترجع أصولها إلى قبيلة أولاد نايل ، الأب محمد بوترعة والأم فاطمة شعبان ، ولها إخوة هم عيسى وحبارة .
بعد وفاة والدها إقتسموا الاخوة التركة ، إستطاعت العالية مضاعفة ثروتها بسرعة بحنكتها التجارية وبذكائها ، وامتلكت ثروة مهولة ، وهبت هذه الثروة لخدمة الفقراء والمساكين ، فقد كان بيتها ملاذا لهم تقدم لهم الطعام والشراب وتجود لهم بكل أنواع الخير .
كما كانت تقيم الولائم والذبائح في المواسم ، وتقوم بتقديم الكساء للفقراء والمساكين .
لم تعمل العالية فقط بالتجارة ولكن عملت أيضا بالتدريس كمسؤولة في مدرسة لتدريس البنات في سيدي عيسى المجاورة لمنطقتها أنشأتها بمالها الخاص بقصد تدريس وكفالة البنات اليتيمات .
تزوجت من مدرس يدعى محمد كرميش ولكنهما لم يرزقا بالاولاد ، فوجهت حنان الأمومة لليتامي فقامت برعايتهم وكفالتهم .
كما تكفلت بتربية أبناء أختها حبارة التي تزوجت بأحد أقربائها من عائلة دحماني بسور الغزلان .
وكانت العالية تحذو حذو وأما بنعمة ربك فحدث ، فكانت تلبس كل أنواع الحلي الفاخرة حتى أنها عندما تدخل الأعراس تخطف الأنظار بملابسها ومجوهراتها الفاخرة .
وكانت العالية تنسق خمارها بلون حذائها المزين بحبات اللويز ، فقد كانت تعشق الحلي والزينة .
وفاة العالية :
تقول الروايات أن العالية ماتت مسمومة سنة 1932م ، وأن الذي دس لها السم هم أهلها للسيطرة على أملاكها الطائلة ، ودفنت العالية في مسقط رأسها سور الغزلان ، وكتب على قبرها الولية الصالحة العالية حمزة .
كما توجد بعض الروايات الأخرى التي تقول أن العالية لم تمت في سن الأربعين ، كما قيدت في السجلات الرسمية ، بل كانت عجوزا طاعنة في السن ، وأن ليلة وفاتها كانت مباركة ، إذ وجدها جيرانها مسجاة بكفنها ورائحة المسك تعبق في المكان .
هذه المرأة الصالحة التي كرست حياتها لخدمة الفقراء والمساكين لم تحظ بالرعاية الكافية من المسؤولين والمؤرخين فقد تناسوها عن قصد أو غير قصد .