طوفان الأقصى:-
إسرائيل لم تعد آمنة أمام غضب حماس:-
يقول المثل العربي “اتق شر الحليم اذا غضب ، وصبر الحكيم إذا نفذ”، ولكن اسرائيل التي تعودت على البطش دون أن يرد لمبطوش به اعتباره لفترات طويلة بالعكس كانت تلاقي ترحيبا بقسوتها علي نطاق واسع فطغت وتكبرت وكأنها فرعون في زمانه فلم تصغى لتحذيرات متكررة كانت تصلها بشان إنفجار الأوضاع.
ولكن المدهش في الطوفان والذى أثار علامات إستفهام كثيرة وتعجب، هو حماس، فكيف لحركة متواضعة ومحاصرة وتستباح أراضيها ليل نهار، أن تمتلك هذة القدرة العسكرية والتكتيكية الهائلة، والمقدرة الاستخبارتية العالية، التي تستطيع كشف مخطط دولة بحجم اسرئيل ونيتها في إجتياح قطاع غزة ، فتباغت هذة الحركة واحد من اقوى الجيوش في منطقة الشرق الاوسط وتكبده خسائر فادحة في الارواح.
فالخسائر بالنسبة لاسرائيل كارثية ولا يمكن تعويضها، حتى وأن بعثت أمريكا بكل جيشها وعتادها، الإسرائيليين لن يستطيعوا تجاوز هذا الليل الأسود كما سمونه، يخافون علي حياتهم ويهابون الموت، يريدون أن يَقتلوا ولا يُقتلوا، يرعبهم الأسر والاعتقال، كأنهم البشر دون غيرهم، كما أن هذه الكارثة التي طالت المئات من اليهود لن تنتهى بتحريك حاملة الطائرات والاساطيل الأمريكية.
وعلى النقيض تماماً حماس، التى تدافع عن حق مشروع تبذل الأرواح رخيص من أجل حماية الوطن والمقدسات الإسلامية، وقد إستطاعت حماس أن تلحق هزيمة نكراء بأقوى الجيوش في المنطقة في الساعات الاولى من الحرب ولا تزال إسرائيل فاقدة للسيطرة علي غلاف غزة بعد ثلاثة أيام من بداية الاشتباكات.
أرجع الطوفان الانتفاضات في كثير من الدول العربية والإسلامية دعما لفلسطين، وانتعشت ذاكرة الشعوب التى تربت على إرث عبدالناصر ومشروع القومية العربية، وربما بدأ تراجع الوجود الإسرائيلي في الدول العربية، والعودة إلي العزلة من الشرق الاوسط بعد أن حاول اليهود لفترات طويلة الاندماج في محيطهم مع الدول العربية، ولكن روح الانتماء العربي الاسلامي كان أقوى من المصالحة مع إسرائيل، وأشد ضراوة وترجح ارتباط حادثة الاسكندرية يوم أمس بما يحدث في فلسطين، وقد قام عسكري مصري بإطلاق النار علي فوج سياحي إسرائلي في مزار عمود السواري بالأسكندرية قتل اثنين وإصابة ثالث، وقد تعتبر هذة الحادثة رسالة رفض للاندماج مع الصهاينة من قبل الشعوب.
وقد يكون هذا الطوفان بداية النهاية لتحجيم دولة اسرئيل إذا نفذت حماس وعيدها، أو حتى رضخت لحل الدولتين فقد يكون بشروط فلسطينية، ولكن دخول سرايا القدس في خط المواجهة بجانب حماس يصعب وقف التصعيد مقابل اتفاق سياسي؛ فسرايا القدس لا تريد حكم فلسطين ولا حل الدولتين وترفض وجود الاحتلال وتسعى لمقاومته.
اما في أمريكا فقد كان لطوفان الأقصى بعد آخر، يتمثل في استغلاله في الإنتخابات الرئاسية القادمة كبرنامج انتخابي، وبدأ يظهر هذا جليا في تصريحات ترامب والتى قال فيها، أنه اذا تم انتخابه سيدعم إسرئيل وسيرفض مساعدة الفلسطينيين، ولم يفوت الفرصة لإتهام خصمه بالضعف وانه السبب في حدوث هذا الطوفان.
ويعتبر في الإنتخابات الأمريكية من يقف في صفه اللوبي الصهيوني فائز لا محالة، لذلك حاول جو بايدن جاهدا بالتأكيد علي أن ضمان أمن إسرئيل من أولويات حكومته وفي جو دراماتيكي تنافسي يسعى بايدن لقطع الطريق أمام سلفه، لكسب رضا إسرئيل الابنة فقد أمر بايدن بتزويد دولة الاحتلال بالأسلحة.
فمن كسب قلب إسرائيل ضمن حكم الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم صغر حجم دولة إسرئيل مقارنة بأمريكا إلا أنها تتحكم في كل سياستها عن طريق الضغط من خلال اللوبي الصهيوني.