كل ما جاء عن نهاية العالم في الديانات المعروفة سواء في الأناجيل الأربعة ، أو في أسفار توراة العهد القديم كما في التلمود بشأن ما يُتوَقَع حدوثه ، كما تم الترويج له في نظرية (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) الفلسفية للأمريكي ” فرانسيس فوكوياما ” والتي يترتب عليها كشف أسرار السياسات العالمية سواءالأمريكية منها أم الأوربية الغربية والروسية .. وحتى الصينية إزاء منطقة الشرق الأوسط اليوم ، والذي هو بمثابة خارطة الوصول إلى (نهاية العالم) .
وقد تكون (ملحمة) طوفان الأقصى التي نعيش أحداثها اليوم واحدة من (الملاحم الكبرى) التي تختتمها (معركة هرمجدون) لتكتب نهاية العالم .
ولكي تكون الصورة مكتملة وواضحة ، فإنه ليس هناك من شك في صحة كثير مما طُرح عن (هرمجدون نهاية العالم) في أسفار (الكتاب المُقدَّس) بعهديه الاثنين (العهد القديم والعهد الجديد) ، وفي (التلمود) اليهودي ولا في سلامة بعضها من الوضع البشري ، حتى وإن سلمنا يقيناً بأن التحريف قد طالهم في كثير من المواضع . ومن أكثر ما يعزز هذا الرأي ، هي القواسم المشتركة في تفاصيل (نهاية العالم) وقرب وقوع الساعة ما بين الكتب المقدسة وبين والدلالات الإسلامية على لسان خير البشر النبي (محمد) صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ وَرَدَ أن معظم الأنبياء السابقين والكتب السماوية والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبروا بالمعارك التي ستدور في نهاية الزمان وبالقوى العظمى التي ستظهر في تلك الفترة . وقد عُرفت هذه المعارك في الكتب السماوية باسم (معركة هرمجدون) والتي يُطلَق عليها في دين الإسلام المحمدي اسم (الملاحم الكبرى) . وقد أكد الرسول الكريم أن هذه الملاحم ستكون آخر علامة من العلامات الصغرى ، يليها مباشرةً خروج (المسيح الدجال) الأكبر بعد عدد من الدجالين والكذابين ، وسيكون خروجه إحدى العلامات الكبرى للساعة .
وتذكر المصادر الإسلامية علاماتٍ متعلقةً بالأحداث السياسية العربية والدولية المرتبطة اليوم بشكل مباشر وبوقوع “الملاحم الكبرى” ، بل والمؤدية إليها . وقد تجاوز ما تحقق منها حتى يومنا هذا العشرين حدثاً آخرها (طوفان الأقصى) اليوم ، فيما بقي منها القليل القليل . وقد جاء في مقدمة تلك الأحداث بعثة النبي (محمد) صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم موته ، والفتوحات الإسلامية ، وكثرة الخلافات والفتن بين المسلمين ، وكثرة الحروب والقتل بين الناس .
ويليها تولي الأمراء الظَلَمَة ووزراء الفساد والفقهاء الكَذَبة والقضاة الخونة لمقاليد الحكم في القضاء ، وانتشار الربا والفساد ونقص الكرام وكثرة اللئام ، واتباع الناس لأصحاب المذاهب الباطلة والأفكار الهدامة ، إلى جانب ظهور التطور والتقدم التكنولوجي و العلمي المادي ، وتغييب الفقه الديني الحقيقي والصحيح ، وكثرة الزنا وشرب الخمر ، وعودة الجهل الفكري . كما ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة عدداً من العلامات الأخرى مثل انتشار قطيعة الرحم ، وتفشي المعازف وكثرة الراقصين والراقصات ، فضلاً عن مشاركة المرأة زوجها في التجارة وإماتة الصلاة بينما يتباهى الناس بتزيين المساجد ، وانتشار الرشوة وغلاء الأسعار وظهور المُسَحاء الكذبة وآخرهم (المسيح الدجال) .
وتستمر العلامات المتحققة قبل وقوع (الملاحم الكبرى) ، ككثرة الزلازل ، وظهور المباني العالية الشاهقة والأبراج السكنية وناطحات السحاب ، والتقليد الأعمى للغرب إلى جانب تعاظم الدول الأوروبية من الناحية العسكرية والبشرية ، واحتلال الدول الإسلامية وسلبها لثرواتها كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
“توشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قَصعتها ، فقال قائل :
أَوَمِنْ قِلّةٍ نحن يا رسول الله؟
قال :
بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غُثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهنَ ، فقال قائل :
يا رسول الله وما الوهن؟
قال :
حب الدنيا وكراهية الموت” .
وهذا هو الحال اليوم ومنذ فترة ليست بقصيرة . واستطراداً لتلك العلامات يظهر الحكم (الجبري) أي الديكتاتوري والعسكري في الدول الإسلامية ، ويفتح المسلمون القسطنطينية البيزنطية (إستانبول) ، وقد حدث ذلك ، وهي من العلامات التي ستسبق فتح رومية أي “روما أو الفاتيكان” والتي سيتم فتحها في أواخر (الملحمة الكبرى – هرمجدون) كما جاء في الحديث الشريف . ولا نغفل عن علامات أخرى متحققة كتجمع اليهود من شتات الأرض في فلسطين الكنعانية من أرض الشام ، وفي الحديث المعروف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حول مقاتلة المسلمين اليهود ، إشارة إلى أن نهاية اليهود ستكون في الأراضي الفلسطينية التي سيجتمعون فيها . ولذلك تُعَدُّ هذه العلامات من العلامات المتحققة السابقة لوقوع الملحمة الكبرى (هرمجدون) .
ومن الأحداث السياسية الحديثة أيضاً بداية عهد الملاحم باشتعال حَربَيِّ الخليج الأولى والثانية ، ثم تدمير العراق ، وفرض الحصار الاقتصادي والعسكري عليه بعد الحرب . وفي رواية مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
“يوشك أهل العراق ألا يجيء إليهم قفيز ولا درهم ..
قلنا : من أين ذاك؟..
قال : من قِبل العجم يمنعون ذلك ، ويوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم مدى ولا دينار ..
قلنا : ومن أين ذاك؟..
قال : من قِبل الروم .
ثم سكت هنيهة ، ثم قال :
يكون في آخر أمتي خليفةٌ يحثو المال حثياً لا يعدُّه عدّاً” .
ومن العلامات السابقة لوقوع الملاحم الكبرى قليل مما لم يتحقق بعد ، فيما قَرُبَ أغلبه حسب معطيات المشهد السياسي في المنطقة اليوم ، وهو احتمال تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات ، وظهور جبل من الذهب تحت نهر الفرات تتنازع عليه الطوائف العراقية وبعض الدول الإسلامية المجاورة لها ، فضلاً عن إنشاء حلف بين الدول الإسلامية الشرق آسيوية بزعامة (إيران والعراق وباكستان وأفغانستان – حلف الرايات السود) وتتمخض الثورات عن تنصيب حاكم موالٍ للغرب والأمريكان (الروم) ثم ظهور “المهدي المنتظر” عليه السلام ، وتحقيق الوحدة بين الدول الإسلامية تحت قيادته وتحرير المسلمين للقدس من أيدي اليهود والقضاء عليهم بعد اجتماع شتاتهم في فلسطين الكنعانية بأرض الشام ، وهو ما تتفق عليه جميع الديانات في تحديد (منطقة مجدو) الفلسطينية كبقعة تقوم عليها معارك آخر الزمان (نهاية العالم) .
ولمعرفة (الملحمة الكبرى – هرمجدون) ، يمكن إيجاز ذلك باستعراض ماجاء في الديانات المعروفة اليوم إذ أن (هرمجدون) وحسب (سِفر الرؤيا) في الكتاب المقدّس ، هو موقع تجمّع الجيوش للمعركة الكبرى التي يحين فيها وقت نهاية العالم . كمان يُستخدم المصطلح في الإشارة لأي سيناريو يشير إلى نهاية العالم بشكل عام ، ويكون ذلك نتيجة الملحمة الكبرى المعروفة باسم (هرمجدون) .
وقد ظهرت كلمة (هرمجدون) مرة واحدة فقط فى (العهد الجديد) من الكتاب المقدّس ، وهي لفظة عبرية har məgiddô (הר מגידו) (هار) وتعني “جبل أو سلسلة من الجبال” . و(مجدون) اسم وادٍ في فلسطين عند (مرج ابن عامر) على بعد 55 ميلاً شمال حيفا و20 ميلاً جنوب شرق حيفا وعلى بعد 15 ميلاً من شاطيء البحر الابيض المتوسط ، كما تُعرف كلمة (مجدون) هذه الأيام باسم (تل المتسلم) . وبذلك تكون كلمة (هرمجدون) بمعنى (جبل مجدون) الفلسطيني في الشام من أرض كنعان .
ويستند النص العبري الوارد فى (سفر الرؤيا:16) بأن المعركة المسماة معركة (هرمجدون) ستقع فى الوادي الفسيح المحيط بجبل (مجدون) فى أرض فلسطين الكنعانية ، وأن مُخَلِّص اليهود (المسيّا) سوف ينزل من السماء ويقود جيوشهم ليحققوا النصر .
بينما يُفَسَّرُ عند المسيحيين بأن (المسيح يسوع) سوف يعود إلى الأرض بعد صعوده ويهزم الدجال (الوحش) ذلك النبي الكاذب والشيطان في معركة الشيطان والتي اسمها (معركة هرمجدون) ، وفيها سيتم طرح الشيطان إلى “الهاوية” لمدة 1,000 سنة المعروفة باسم الألفية ، وبعد إطلاق سراحه من الهاوية ، يستدعي الشيطان أقوام (يأجوج ومأجوج) من زوايا الأرض الأربع الذين يعسكرون في “المدينة الحبيبة” المحيطة بالقدسيين في إشارة إلى مدينة (القدس) . وستأتي النار من عند الرب ، من السماء وتلتهم (يأجوج ومأجوج والشيطان)، ومعهم (الموت) ، ويتم الزج بهم إلى جهنم (في بحيرة النار) . وتلك عقيدة مسيحية ويهودية مشتركة – حسب الكتاب المقدّس – تؤمن بمجيء اليوم الذي يحدث فيه الصدام بين قوى الخير وبين قوى الشر ، وسوف تقوم تلك المعركة على أرض فلسطين من الشام في منطقة (مجدو أو وادي مجدو) من أرض كنعان ، ويكون قوامها من مائتي مليون جندياً يأتون إلى (وادي مجدو) لخوض حرب نهاية العالم .
وفي عقيدة المسلمين هناك إيمان بمعركة كبرى فى آخر الزمان بين المسلمين والروم دون الإشارة لاسم (هرمجدون) بالتحديد بل تكون باسم (الملحمة الكبرى) ، والتي تنتهي بانتصار المسلمين فى المعركة .
أما البهائيون فإنهم يفسرونها :
بأنه قبل (معركة هرمجدون) سيكون هناك 144 ألف فرداً على معرفة بالرب وفهم ميثاقه ، وسيأتي هؤلاء الأفراد من المجموعة التي أقرت (الميثاق البهائي) وآمنت به وهم من سلالة الذين خالفوا سنة 1957م خطة الرب وألقوا بميثاقه بعيداً ، وسيستطيع هؤلاء القوم أن يتغلبوا على (الكذبة) التي انقادوا وراءها وستطولهم فيها أحكام (الميثاق البهائي) ، وسيجتمع هؤلاء الـ 144 ألفاً من المؤمنين ، وبعدها ستبدأ (معركة هرمجدون) الكبرى وعند نهايتها سيكون ثلثا العالم قد دُمِّر وهلك) .
كما يعتقد (شهود يَهْوَه) أن (معركة هرمجدون) ستكون الوسيلة التي سيحقق بها الرب قصده فى أن تكون الأرض مسكونة بأشخاص أصحاء سعداء وغير معصومين من الخطيئة والموت ، ويعلمون أن جيوش السماء ستقضي على كل مَن يعارض ملكوت الرب ، وتُبادُ كل البشر الأشرار على الأرض ، ولايبقى عليها إلا الصالحون .