محمد كمال قريش يكتب/ التخلّي عن الحلم، من أجل المبادئ.
“إذا تخليت عن مبادئك ستصل للكثيرين، لكن تذكر: الكثيرون دائمًا على خطأ”.
معظمنا لديه أحلام وطموحات يود لو تتحقق، فينا مَن يعيش طوال حياته لهذا الحلم، مؤمنًا به وعاملًا له. وفينا مَن تُحطّم إرادته الأيام والأحداث، فيتخلّى عن حلمه خانعًا قانعًا أنه لن يستطيع. لكن أن يتخلّى أحدهم عن حلمه الذي سعى له طوال سنوات، والذي شارف على إنجازه أو أنجز معظمه بالفعل، فهذا من الغريب والعجيب. وإن حدث، فلا بُد وأن يكون لسببٍ قوي جدًا، لشيء أكبر وأعظم حتى من حلمه.
عبدالرحمن سامح، سبّاحًا مصريًا، فاز بذهبية سباق 50 متر فراشة في بطولة العالم المقامة في اليونان. وأعلن للعالم كله قوته وإصراره وهيمنته على البطولة، ثم فورًا أعلن تخليه عن كل ما حققه من إنجاز وشهرة، بنصرة أبناء أمته في قلب بلاد الغرب، وهو على علم ويقين بمغبة ما فعله، على دراية بالعاقبة التي هي في انتظاره.
رفض البطل المصري عبدالرحمن سامح الاحتفال بفوزه بالبطولة، حيث قال عقب التتويج مباشرة: ”مررت بأسبوع صعب بسبب دعمي، وتعرضت لهجوم وتهديدات مرعبة، وكنت أذهب إلى النوم ولا أعرف هل سيقتحم أحد غرفتي وأنا نائم مع عائلتي أم لا، لا أعرف هل ينبغي عليّ الاحتفال بهذا الإنجاز أم لا، لإن إخوتي يُقتلون في فلسطين الآن وأنا أتعرض لكل ذلك بسبب دعمي لهم.”
وعليه فقد جاء العقاب الذي كان يتوقعه عبد الرحمن سريعًا جدًا، فلقد حذف الموقع الرسمي للاتحاد الدولي للسباحة جميع صور بطلنا عبدالرحمن، في واقعة تكذّب كل شعاراتهم من أجل الإنسان وحرية الرأي والفكر.
وقد لقى موقف عبدالرحمن البطولي ترحيبًا مصريًا وعربيًا كبيرًا جدًا. وخلد اسمه وصورته وكلماته وموقفه في القلوب الحرة للأبد.. وليس على مجرد منصة.