الواقع العربى بين الإقدام و التراجع .. بقلم رانيا البدرى
لقد عشنا كشعوب عربية حاملين على عاتقنا القضية الفلسطينية باعتبارها الهم العربى الأول لسنوات طويلة
و رغم السلام المزعوم و التطبيع المفروض مع الكيان الإسرائيلي إلا أن شعوراً بمقت هذا الكيان يتنامى يوماً بعد يوم كلما زادوا فى غطرستهم و استقوائهم بالغرب
لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التى تعامل اسرائيل كطفلها المدلل ، و يحضرنى مثال لعلاقة امريكا و اسرائيل يعبر عن مدى تقزز النفس السوية من تلك المحاباة للباطل .
فيلم امريكي قديم تدور أحداثه حول طفل لا يأكل سوى لحوم البشر و بدلاً من أن يقوم والداه بعلاجه سواء عضويا أو نفسياً ، قاموا باستدراج الضحايا و قتلهم و تقديمهم كوجبات ساخنة لطفلهم !!
و المفارقة الغريبة أن الفيلم انتاج أمريكى دون أن تلاحظ الولايات المتحدة أن هذا تماماً هو مسار سلوكها تجاه طفلها الوحشى اسرائيل.
أما نحن كعرب فقد ردد بعضنا كثيراً على مدار سنوات أن الفلسطينيين منسجمون مع وضع الاحتلال إذ أنهم يكسبون من خلاله تعاطف دولى يدر عليهم أموالا طائلة
و كان ما يحدث من حين لآخر من مناوشات عسكرية بين فصائل المقاومة و الجانب الإسرائيلي في نظر العالم مجرد محاولات بائسة وسط حالة عامة من التراخى و الاستسلام للإحتلال .
إلى أن قامت حركة حماس بهجوم السابع من أكتوبر
فأعادت للأذهان نصر 73 و عمت الفرحة قلوب العرب جميعا إلا أن الوضع سرعان ما بدأ يتغير بسبب العدوان الوحشى الذي ترتكبه اسرائيل بحق المدنيين.
فعلت نبرة الاستنكار لدى البعض لما قامت به المقاومة و اتهموها بأنها اتخذت قراراً فرديا تحمل الأبرياء تبعاته
أن التعاطف الانسانى جراء مشاهد قتل الأطفال لاسيما عند قصف مستشفى المعمدانى أمر طبيعي أعاد تذكيرنا بمجزرة بحر البقر عام 1970 .
إلا أنه علينا جميعاً أن ندرك أن للحرية ثمن باهظ و اننا اول من وجه اللوم للفلسطينيين عن تراخيهم فى الدفاع عن حقهم في الحرية بل و اتهمهم البعض بالتواطؤ مقابل حفنة دولارات.
ليس ذنب المقاومة ولا ذنب اى انسان حر أنه يواجه آلة قتل وحشية لا تملك من الضمير ما يجعلها تفرق بين عسكرى و مدنى ولا كبير او صغير.