مصر أم العرب وأم الدنيا

مصر أم العرب وأم الدنيا

بقلم/ د. على أحمد جديد 

– ليس هناك ما يُخيف أميركا وكيان الاحتلال ، أكثر من الشعور بالقلق تجاه حركة الشارع في مصر والأردن والمغرب . وبالرغم من الأهمية الاستراتيجية للمغرب كركن في السياسات الأميركية وشريك رئيسيّ في مشروع التطبيع ، وبوابة على الأطلسي وعنصر الربط الثلاثي العربي الأوروبي والأفريقي والأوروبي ، إلا أن أهمية الأردن ومصر تتقدّم نظراً للاتصال الجغرافي بينهما وبين الجغرافيا الفلسطينية ، وبين الأردن ومصر ، رغم تقدّم الخصوصية الفلسطينية في الأردن وطول الجبهة ، اللذين يمنحان الأردن مكانة مميزة في نظرية الأمن الصهيوني ، الا أن مصر تبقى شيئاً آخر .

مصر هي أكبر الدول العربية ، وهي الدولة التي انطلقت منها أهم حركة قومية عربية في التاريخ العربي مع (جمال عبد الناصر) ، وهي الدولة التي يلعب جيشها دوراً محورياً في سياستها الخارجية ورسم معادلات أمنها القومي ، منذ ثورة (جمال عبد الناصر) عام 1952 وحتى اليوم ، وهو الجيش الذي تسبّب بأكبر كارثة استراتيجية لجيش الاحتلال عبر دوره المميز في حرب تشرين/اكتوبر 1973 ، فهو جيش العبور وجيش تحطيم أسطورة خط (بارليف) .

 والشارع المصري يبقى لغزاً لا يحكمه قانون ، وتبدو فلسطين في كل محطة فاصلة كلمة السرّ في هذا الشارع .

– عام 2000 مع اندلاع انتفاضة الأقصى ، خرج الشارع المصري ، وكتبت “غونداليزا رايس” التي لم تكن قد تسلّمت أي منصب رسميّ بعد ، حيث كانت أستاذة جامعية تكتب مقالاتها وتنشرها في صحيفة “الواشنطن بوست” ، فقالت إن دخول “ارئيل شارون” الى المسجد الأقصى أحبط عقوداً من الجهد الأميركي الذي أنفقت فيه أموالاً وخططاً وجهوداً لإلغاء الهوية العربية ، وترسيخ مفهوم الهويات القِطرية التحت عربية ، “مصري وتونسي ولبناني وسوري” ، لا يربطهم شيء . وبذلت في هذا السياق قدرات وجهوداً وإمكانات لإلغاء نظرية (فلسطين) القضية المركزية لكل العرب ، وجاء اقتحام “شارون” يومها ليذكّر المصريين أنهم عرب وأن (فلسطين) لا تزال قضيتهم المركزية ، وختمت تقول إن شبان وشابات المدارس المتوسطة والثانوية ، هم الجيل الذي كانت تستهدفه السياسات والخطط الأميركية ، وهم الذين بقوا حتى ساعات الفجر على شاطئ الاسكندرية وضفاف النيل ، لم يفعلوا ذلك لتنشّق الهواء الطلق ، بل ليقولوا لنا إن محور الاعتدال الذي نبنيه قد سقط .

– اليوم ومع مشهد (ميدان التحرير) في القاهرة ، وعشرات آلاف المصريين يخرجون في كل أنحاء مصر ، ويدوّي بينهم هتاف مناشدة السيد (حسن نصرالله) كي يقصف “تل أبيب” ، يقيم الأميركيون والإسرائيليون ألف حساب لعواقب أفعالهم ، وخطورة الموقف ، فما يحسبونه من اليوم وصاعداً لن يأخذ في الاعتبار كيف يمكن محو ربح معركة غزة فقط ، بل كيف لا تنتج عنه خسارة معركة مصر ، وليس كيف يمكن كسر إرادة المقاومة في غزة فقط ، بل كيف لا تتحوّل معركة غزة مدخلاً لتجذر ثقافة المقاومة في مصر ، وكيف لا تصبح المقاومة هي الأمل .. وقد أصبحت .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى