أن تُعلن للعالم أنك تتقن فن اللامبالاة، ليس معناه أنك لا تُبالي. بل على العكس تمامًا؛ معناه أنك تُبالي جدًا، بدليل أنك حرصت على إخبارهم بعكس ما تشعر به وتعيشه.
اللامبالاة الحقيقية، أن تمر المشاهد والأحداث من دون أن تؤثر فيك، لا نفسيًا ولا جسديًا. أن تقرأ تعليقات سلبية عنك، وانتقادات، وتبتسم بصدق، ولسان حالك يقول: اذهبوا للجحيم.
ستتعب، صدقني ستتعب. فحينما تصمت وتتحاشى الظهور إلى جانب هذا أو ذاك، حفاظًا على صورتك واسطورتك الشخصية، ثم تضطر اضطرارًا أن تخرج وتتصدر المشهد، حفاظًا أيضًا على صورتك واسطورتك، فإنك ستتعب.
النأي عن المشهد خطأ. والوقوف على الحياد أكبر خطأً منه. حرصك على مصادقة الجميع، لا يعبر عن نضجًا وعقل، بل عن نفاق. فلا أحد يستطيع السير في دربي الخير والشر، إلّا منافق. يخدع ذاته قبل الآخرين.
رُب موقف يسقطك من العيون، ورُب آخر يحفظك فيها للأبد. أنت لست مُنافقًا، أعلم، لكن أهواءك جعلتك تبدو هكذا. وهذا بالتحديد ما تُصارعه: المبادئ والأهواء. تُرضي هذه أم هذه؟!
لكن هذا كان ولا يزال صراع البشرية بأسرها، والفطن مَن يجتاز هذا البلاء، بالاستعانة بما يمكّنه من ذلك، وأولًا.. ألّا يرضي نفسه وما تشتهيه.