ذات يوم أراد أحد الحكماء أن يعلم طلابه درسا لا ينسونه أبدا، فقال لهم وهو يشير إلى باب المجلس:
بعد قليل سيدخل عليكم من هذا الباب شخص له كل الفضل بعد الله في جل ماتعرفونه من علوم وحكمة…
حينئذ تهللت وجوه الطلاب جميعا وهي تتجه نحو الباب الخشبي الكبير بلهفة و ترقب لتعرف من هو ذلك النابغة ذو العلم السابغ والمعرفة الكاملة….
مر الوقت بطيئا ولم يدخل أحد من الباب أو حتى اقترب منه .
بدأ الطلاب في التململ و تسللت الريبة والشك في مصداقية معلمهم القديم إلى نفوسهم ربما لأول مرة منذ أن كانوا تلامذة صغار لا يفقهون كلاما ولا يعرفون علما…..
لاحظ الحكيم حالهم وأخذ يبتسم لاسيما عندما لاحظ في آخر الصفوف طالبا وهو الأصغر سنا و الأحدث قدوما إلى حلقة علمه وهو يداوم النظر إلى الباب قليلا ثم ينظر إلي وجه معلمه كثيرا على عكس أقرانه فدعاه الحكيم للتقدم وأجلسه بجانبه وسأله ، لماذا لا تنظر إلى الباب مثل أصحابك إلا قليلا وتعاود النظر إلى وجهي طويلا ..
ابتسم الطالب الصغير وقال في براءة ، يا شيخنا الجليل كنت أريد أن أعرف كيف ستفعلها؟…
فقال الحكيم للطالب:أفعل ماذا؟
قال الطالب الصغير: كيف ستكون هنا أمامنا وفي نفس الوقت سوف تدخل علينا من ذلك الباب..
فوالله لا أعرف أحدا أدين له بالفضل في كل ما أعرف بل في كل ما تعلمته بعد الله إلاك…
تبسم الحكيم وقال وهو ينظر للصغير ويخاطب تلامذته بورك فيك ولعنكم الله..
من لا ينسب الفضل لأهله لا يستأهل الفضل ومن لا يقدر المعلم لا يستحق العلم ..
وليكن هذا الدرس هو درسكم الأخير والأهم فلا حاجة لي بكم بعد اليوم…
أما صغيركم هذا فهو من يستحق أن أسوق إليه كل ما أعرفه من العلم والحكمة…