محمد كمال قريش يكتب/ الحنين

محمد كمال قريش يكتب/ الحنين.

من حكمة الله، أن أعمارنا مجهولة، وإلّا لتوقفت الحياة، وانهارت الدنيا.

تخيل أن تعرف، حينما تتفح عينيك على الدنيا، وتبدأ في معرفة الناس والأشياء، متى يحين أجلك. ثم تخيل أكثر، وافترض أنك ترى مستقبلك، وما سوف تفعله ويحدث لك طوال حياتك!

تخيل أن ترى نفسك وأنت طفلًا، كهلًا وهن العظم منه، وانقطع عنه الأحباب والمعارف، ليس جفاء وغلظة قلب، بل فراقًا اضطراريًا بالموت. 

ما الداعي إذًا، لأن تكبر، تتعرف، تُحب، تُصادق، تُعاشر، تُماشي.. ما الداعي؟ إذا كان كل ذلك مآله، وقبل أن تكتفي منه، إلى زوال؟! لتُترك للألم والحنين والحزن يعتصر قلبك ويضني روحك؟!

يعتقد البعض أن الحزن أقوى وأفظع شعور، لكني أعتقد أن الحنين أقوى وأفظع. الحنين به سعادة وحزن، ألم وندم، يأس وأمل، ورغبة في عيش تلك الأحداث مرة أخرى، ورعبًا من فكرة عيشها، لمعرفتك بروعة وفظاعة الحنين بعد تجاوزها!

الحنين مرعب..

تخيل نفسك كهل في الثمانين، في منأى عن العالم والناس، مفترش ظل شجرة بعيدة منسية خارج الكون، تنظر نحو الدنيا وشريط سنواتك يُعرض أمامك، ماذا سيكون شعورك؟

ثم تخيل نفسك ينزاح عنك شريط حياتك، وترى العالم المتسارع والمتصارع أمام عينيك، بما من الممكن أن تقول لهم أو تنصحهم؟!

الماضي دائمًا ما يكون قاسيًا، خاصة لو كان جميلًا، وسر القسوة.. في الحنين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى