ربع قرن من السنوات على رحيل شاعر لم يترك رحيلُه للربيعِ مكاناً

ربع قرن من السنوات على رحيل شاعر لم يترك رحيلُه للربيعِ مكاناً  

بقلم/ د. على أحمد جديد 

منذ خمسة وعشرين ربيعاً غادر العالمَ شاعرٌ قال أن بينه وبين الشام حبل مشيمة لاينقطع ..

غادر ليتحوّل الربيع برحيله إلى خريفِ أُمّةٍ أبديّ يعيشه كل مواطن شامي وتمتد مآسيه إلى كل مواطن عربي .

     ( نزار قباني )

شاعرٌ دمشقي ، عُرف بشعره في (المرأة) .. غطّاها بأريج الياسمين وبنكهة الدرّاق الشامي .. 

كتب عن الحب كما كتب عن الحرب ، وكان لشعره صوت الضمير الواضح في صدرِ كل حاكم عربي يتوجس من قصيدة هجائه ، كما كان لقصائده وقعٌ لطيفٌ في النفوس ، لأنه شاعر يحترم إنسانية الإنسان في كلماته ، ويُعبّر بصدق عن الأحاسيس والمشاعر الراقية ، حتى بات شعره الناطق الرسمي باسم المرأة عاطفياً و اجتماعياً .

                      ***

اغضب كما تشاءُ..

واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ

حطّم أواني الزّهرِ والمرايا

هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..

فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..

كلُّ ما تقولهُ سواءُ..

فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي

نُحبّهم ْ.. 

مهما لنا أساؤوا..

اغضب!

فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ

اغضب!

فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..

كنْ عاصفاً .. 

كُنْ ممطراً ..

فإنَّ قلبي دائماً غفورُ

اغضب!

فلنْ أجيبَ بالتحدّي

فأنتَ طفلٌ عابث ٌ..

يملأُهُ الغرورُ..

وكيفَ من صغارها ..

تنتقمُ الطيورُ؟

اذهبْ..

إذا يوماً مللتَ منّي..

واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..

أما أنا فإني..

سأكتفي بدمعي وحزني..

فالصمتُ كبرياءُ

والحزنُ كبرياءُ

اذهبْ..

إذا أتعبكَ البقاءُ ..

          *************** 

لماذا ؟ ..

لماذا تخلّيتَ عني 

إذا آنتَ تعلمُ أني ..

أحبُّك آكثرَ مني .

لماذا ؟ ..

لماذا ..

لماذا بعينيكَ هذا الوُجومْ

و أمس ، بحضن الكرومْ

فرطتَ ألوف النجومْ

بدربي ..

وأخبرتني أن حبي يدومْ .

لماذا ؟..

لماذا تُغرر قلبي الصبيّ

لماذا كذبتَ عليّ

و قلتَ تعودُ إليّ

مع الأخضرِ الطالع ..

مع الموسمِ الراجع ..

مع الحقلِ و الزارع .

لماذا ؟..

           

لماذا منحتَ لقلبي الهواءْ

فلما أضاءْ ..

بحبٍ بعرضِ السماءْ

ذهبتَ برَكبِ المساءْ

و خَلَّفتَ هذي الصديقةْ

هنا .. عند سور الحديقةْ

على مقعدٍ من بكاءْ .

لماذا ؟ ..

          ***************

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ

        إنّي أحبُّ وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ

أنا الدمشقيُّ لو شرّحتمُ جسدي

              لسـالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ

و لو فتحـتُم شراييني بمديتكـم

سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا

زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا

    وما لقلـبي –إذا أحببـتُ – جـَرّاحُ

          ***************

سامحونا .. 

سامحونا .. 

إن رفضنا كل شيءٍ .. 

وكسرنا كل شيءٍ .. 

واقتلعنا كل شيءٍ 

ورمينا لكم أسماءنا 

فالبوادي رفضتنا .. 

والمواني رفضتنا ..

والمطارات التي تستقبل الطير صباحاً ومساءً .. 

رفضتنا 

إن شمسَ القمع في كل مكانٍ .. أحرقتنا .. 

سامحونا .. 

إن بصقنا فوق عصرٍ ما له تسميةٌ 

سامحونا إن كَفَرنا .

          ***************

 إذاخسرنا الحرب لا غرابَةْ

 لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابةْ

بالعنتريات التي ما قَتلَتْ ذبابة

لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى