الإحباط شعور إنساني نتيجة الحيلولة دُونَ تحقيقِ رغبةٍ مِن الرغَبات أو الوصول إلى هدف جرى العمل على الوصول إليه ، حيث يصاحب ذلك ضربٌ من الحسرة والخيبة الكبيرة في تحقيق الأمل والوصول إلى الغاية المنشودة .
وترافق الإحباط مجموعة من المشاعر المؤلمة الناتجة عن وجود عائق يحول دون إشباع حاجة من الحاجات أو معالجة مشكلة من المشاكل لدى الفرد . وللإحباط وجهين متناقضين ، فهو قد يكون ذا وجهٍ إيجابي في تحقيق الصحة النفسية للفرد المُحبَط ، وحافزاً له على الثبات والمواجهة والتحدي ، أو يتحول به إلى حالات من المرض النفسي والشعور بالعجز الكلي عن تحقيق اي شيء مهما كان بسيطاً . كما يمكن اعتبار الإحباط واحداً من أهم العوامل المؤثرة على التوافق في بناء شخصية الإنسان . وكلما كانت قوة الفرد على التحمل والمواجهة أعظم ، كانت شخصيته متماسكة وأمتن وأصلب ويستطيع مواجهة الإحباط والمثابرة في تجاوز عوائقه ومشاعره للانطلاق في تحقيق أهدافه .
ويعتبر الشعور بالإحباط حالةً طبيعيةً في حياة الإنسان بعد الخروج من تجربة صعبة ومؤلمة ، لكن الكثيرين من الناس قد يعانون من إحباط دائم دون أن يعرفوا ذلك .
ومن بعض دلالات الإحباط الإحساس بالضيق والتوتر وبالغضب ، والعجز والشعور بالدونية ، وينتج ذلك عن وجود عائق ما يحول دون إشباع حاجة عند الإنسان أو وصوله إلى حلٍ لبعض مشكلاته . ومن الطبيعي أن يعاني الكثيرون من الإحباط السلبي ، الأمر الذي يجعلهم عاجزين عن مواجهة مشاكلهم التي تدل على المعاناة والألم ، و منها :
1) ـ الحزن الشديد :
وأول علامات الإحباط هي الشعور بالحزن الشديد ، أو إحساس الإنسان في غالب الأحيان أن لا شيء في حياته على ما يرام . وهذا النوع من الحزن لا ينفع معه عزاء ، لأن الإنسان المحبط يبقى منغلقاً على نفسه دائماً ، وغير قادر على استقبال أية أفكار إيجابية .
2) ـ تزاحم الأفكار السوداء :
يستيقظ الإنسان المحبط كل صباح وهو يتوقع حصول أشياء سيئة خلال يومه ولايتوقع أي شيء جيد قد يواجهه في حياته .
3) ـ غياب الرغبة وتقلّب المزاج :
يُعتبر غياب الرغبة في أي شيء علامة واضحة من علامات الإحباط . فالإنسان الذي لا يُعاني من الإحباط قد يحس بنوع من الضيق بسبب التعب في العمل ، او من موقف اعترضه ، لكنه يأمل دائماً بأحداث جديدة تمحو ألم التجربة التي كان فيها . أما الإنسان المحبط فلا يرغب في أي شيء من ذلك ولا يرى أي حافز في حياته .
4) ـ الانتقاص من الذات :
يدل فقدان الثقة بالنفس على الشعور الشديد بالإحباط . ويتجلى شعور الانتقاص من الذات في الإحساس الدائم بالفشل في الحياة العملية والأسرية . لأن الإنسان المحبط دائماً ما يشعر بأنه قد لا يستحق السعادة ولا حتى الحياة التي يعيشها .
5) ـ التعب :
عادة ما تصاحب الإحباط علامات جسدية ، كفقدان الشهية والاضطرابات في النوم وآلام في الظهر والإحساس المزمن بالتعب .
ويقترح موقع “Doctissimo” زيارة الطبيب في حالة الشعور بعلامات الإحباط ، لتشخيص المرض وعلاجه واسترجاع حالة الاستمتاع بالحياة .
وقد يصاب الفرد الطبيعي بالكثير من لحظات الإحباط بسبب أمور معينة تحدث له في الحياة فيسعى لسد احتياجاته التي توصله إلى السعادة والحياة بشكل مريح ، لكن التكيف أو تحسين الصحة العقلية والتمتع بها أمر يصعب الوصول إليهما دوماً ، وهذا يرجع إلى أن الشخص لا يمكنه الشعور بالأكتفاء بأية طريقة كانت .
فكل البشر يواجهون الكثير من المواقف والصعوبات سواء بالنقد ، أو بارتكاب الأخطاء ، أو التذمر ، أو التنمر .. وما إلى ذلك ، ويصبح من الصعب على الإنسان أن يعمل على رفع شعوره بالأمان وإحساسه بالقيمة والأهمية ، لأن القيود المفروضة في المجتمع ، أو القوانين الموضوعة والقيم الاجتماعية ، تُفاقِم الشعور بالإحباط عند ظهور بعض العقبات البسيطة وتزيد من تأثيره ، كشعور المعلم بالإحباط والفشل في تأدية دوره إذا لم يفهم الطلاب الدرس الذي يقوم بشرحه لهم .
وللإحباط صور وانواع مختلفة ، منها :
* الإحباط الشخصي :
وهو الأكثر انتشاراً بسبب مشاكل الحياة الشخصية والعقبات المحيطة في الحياة اليومية ، وإن وجود المقربين ودعمهم يعتبر أكبر مساعدة للشخص المحبَط ، ولذلك فإن لطبيعة الحياة الشخصية دورها المهم جداً . فقد يظهر الإحباط في الحياة الشخصية نتيجة لارتفاع سقف التوقعات المختلفة دون التمكن من تحقيقها ، ومن طبيعة الإنسان أن يتوقع من علاقاته أن تكون في صورة مثالية فيبدأ الإحباط الظهور في الأفق بشكل يوهم صاحبه بعدم جظوى محاولاته في الوصول إلى شيء من النجاح ، وذلك ما يسمى الإحباط الشخصي .
* الإحباط المتضارب :
في المرحلة الحالية من هذا العصر الذي تزداد عقباته ، يتعرض الإنسان إلى دوائر صراع مع الأخرين ، كما يحدث بصورة عادية بين العمال وبين أصحاب العمل ومسؤوليهم ، ومع الموظفين وأرباب أعمالهم ، وبين المواطنين .. ومع المغتربين في اغترابهم وغربتهم .. وفي الوقت الحالي يعيش البشر تحت ضغوط معيشية ضخمة بسبب ظروف العمل ، و في الحياة الشخصية وهو ما يشكل الإحباط المتضارب المؤدي إلى السلبية ، وقد يصاب الأشخاص بالإحباط في أقل المواقف العابرة بتأثيرها ، ولهذا لابد من البحث عن النواحي الإيجابية في كل شيء كي يتم تخطي هذا الإحباط بسلام .
* إحباط الضغط :
يجب دوماً التفرقة فيما بين دوافع الإحباط وبين الضغط ، إذ أن سعي الإدارات حالياً لرفع إنتاجية عامليها ، يتفرض زيادة التشجيع الإيجابي ، والحث السليم على إنتاج المزيد وهو ما يمنح القدرة على تفهم إمكانيتهم ، ويزيد الإيجابية لديهم ، كما يقلل الدعم والتعامل ايجابي التحفيز من الضغط الذهني ، في الوقت الذي يسبب فيه الضغط السلبي الكثير من الأعباء و يؤدي إلى حدوث إحباط الضغط ، لأن الإحباطات تظهر نتيجة للضغط من كلا الجانبين على حدٍّ سواء وإن إعطاء الكثير بدون وعي يضع الإنسان في مأزق يحاول جاهداً في تخطيه مما يسبب توتراً ضاغطاً ، يدفع الإنسان للشعور بالإحباط .
* الإحباط البيئي :
لا يمكن إنكار الدور الذي تقوم به البيئة في توليد الإحباط ، وحين يعيش الإنسان داخل بيئة صحية وسعيدة فإن هذا الوضع سيؤثر على أي إحباط قد يحدث له . فيما إذا كان الجو المحيط بائساً ومُتعِباً وفيه الكثير من عدم الرضى تطغى فيه مشاعر الكره والعداء فإن الإحباط سيأخذ جانباً كبيراً من الحياة ، ومن هنا يمكن أن نستوضح مدى تأثير البيئة القوي وأهميتها لأن البيئة الجيدة تعطي طاقة إيجابية ، في الوقت الذي تعطي البيئة السلبية السبب الرئيس للإحباط البيئي .
إن معرفة مشكلة الفرد ووعيها تقود إلى مصدر التوتر وتحديد أسبابه ، وهذا هو الأساس لحل أي مشكلة أو للتخلص من شعور الإحباط ، لأن تحديد المشكلة بوعي وعقلانية سيحدد طرق حلها بالطريقة السليمة والصحية . وقد يفيد وصف تفاصيل الحالة أو المشكلة بدقّة على توضيح سبب حدوثها فيهتدي تفكير الشخص إلى طرق التخلص من أي تداعيات قد تؤدي إلى الشعور بالإحباط .
أما الفرق بين الإحباط وبين اليأس ..
فإن الإحباط هو “الإبطال” .. أي الشعور بقلة الحيلة أو انعدامها وبخيبة الجهود والشعور بأن ما نقوم به غير مؤثر أو فاشل في إحداث التغيير ، أو باطل وكل جهد سيذهب هباء منثوراً ..
أما اليأس فهو “انقطاع الأمل” انقطاعاً نهائياً ، وفيه معنى التسليم بالفشل التام مهما بذل الفرد من المحاولات في المستقبل .
والنتيجة أنه الإحباط لاينعدم فيه الأمل بالمستقبل لإعادة المحاولة وتعديلها حتى الوصول للهدف المنشود . ولكن اليأس يعني انعدام الأمل ، لأن الجولة الآخيرة قد انتهت ولم يعد هناك مجال للبدء من جديد .
إن الإحباط حالة إنسانية عقلانية .. أما اليأس فهو أمر غير عقلاني وقاتل لمسيرة الحياة في البناء والتغيير ، لأن اليائس يؤمن مسبقاً بأنه سيفشل ويحكم على المستقبل بهذا الحسم حتى قبل أن يحاول أو يختبر مايريد القيام به !!..
والمهم هنا ، أنه يجب التسلح بالوعي أثناء مواجهة العقبات وعدم فقدان التحدي ، وأن لا يتحول شعور الإحباط ، مهما كانت المصاعب ، إلى يأس أبداً كي تستمر الحياة في توليد الأمل دائماً مهما بدا ذلك الأمل بعيداً ، والتصميم على الوصول إليه وتحقيقه رغم أي صعوبات مُعيقة .