تسوق

الدولة المحتلة ارتكبت جرائم ضد الإنسانية.. هل تحاسب المحكمة الجنائية الدولية إسرائيل؟

نصر الدين الأخضرى: محكمة العدل الدولية هى المختصة بمتابعة الدولفشلت مساعى وقف العدوان على الشعب الفلسطينى، الذى يواجه محاولات الإبادة الجماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلى الغاشم، بادعاء أنه يدافع عن نفسه ضد هجمات حماس، وإنكار جرائمه الشنيعة والوحشية فى حق الفلسطينيين، الذين لم يعد لديهم طريق للنجاة، مما يواجهونه، فقذائف الاحتلال طالت المدارس والمستشفيات ودور العبادة، لذلك لم يكن هناك حل سوى اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، والبحث عن قدرتها لوقف العدوان الإسرائيلى وجرائمه فى حق الشعب الفلسطينى.

«الأهرام العربى» طرحت على بعض الخبراء سؤالا، وهو: كيف يتم تحريك المحكمة الجنائية الدولية، ضد جرائم إسرائيل خصوصا أن إسرائيل ليست عضوا فى تلك المحكمة؟.. والإجابة فى السطور التالية.

يتحدث نصر الدين الأخضرى، بروفيسور القانون الدولى العام بجامعة قصدى مرباح، والمحامى بالمحكمة العليا ومجلس الدولة بالجزائر، قائلا: المحكمة الجنائية الدولية تنظر فى الجرائم المقررة، فى نص المادة الخامسة من اتفاقية روما، والمتمثلة فى جرائم الإبادة والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم العدوان، وجرائم الحرب، ومواجهة القائمين بهذه الجرائم، أقصد رؤساء الدول وقادة الجيوش، القائمين بأعمالها والمؤثرين فى هذه الجرائم بشكل عام، إذن ليست الدول هى محل المتابعة إنما تكون محكمة العدل الدولية هى المختصة فى متابعة الدول، لكننا الآن نتحدث عن نتنياهو ومن معه، أى أنها ليست القضية قضية دولة بنفسها، لا سيما أن الدول هى التى تنتسب للمعاهدات، ووفقا لاتفاقية فيينا لسنة 1969، لكن المتابعين والملاحقين، إنما هم الأفراد والأشخاص الطبيعيون، وأؤكد هذا حتى لا يحدث الخلط بين مهام محكمة العدل الدولية، ومهام المحكمة الجنائية الدولية، وهذه الأخيرة التى تتابع ممثلى الدول المنضمة للاتفاقية كقاعدة عامة، دون مشكلة تكون بين دولتين كل منها المدعية والمدعى عليها، فكلتاهما مرتبطة بالمحكمة الدولية وفقاً لقواعد التعاقد الدولى.

ويؤكد لخضر أنه وفقا للقانون والمعاهدات، إذا ما ادعت أى دولة كما هو الشأن الآن لإسرائيل، بعدم انتسابها للمحكمة الجنائية الدولية، فالحل واحد وهو العبور عن طريق المتابعات، التى يجريها المدعى العام الذى يستطيع أن يتحرك الآن، دون تريث لوجود انتساب للمعاهدة من عدمه، ويضيف قائلا: المشكلة ما لم يتدخل مجلس الأمن لإلغاء، أو تأجيل المتابعة، هذه طبقا لنص المادة 16 لاتفاقية روما، يخول مجلس الأمن أن يرجئ المتابعات التى تم افتتاحها من جانب المدعى العام لدى هذه المحكمة، وعندما يتدخل مجلس الأمن نتصور مسألة الفيتو ستفرض نفسها، والأمريكيون هنا لنا بالمرصاد، ومن الناحية العملية كيفما كانت الحالة، ما لم تمر المتابعة عن طريق المدعى العام، وما لم تدخل هيئة مجلس الأمن لإرجائها، وما لم تمر المتابعة لإعمال أحكام الفصل السابع، فإن المتابعة تعتبر فى حكم الخيال والسراب، لا مكانة لها من حيث الواقع القانونى اليوم، لمتابعة الكيان الصهيونى.

ويتفق مع الرأى السابق د.الأزهر لعبيدى، أستاذ القانون الدولى فى جامعة الوادى بالجزائر، قائلا: منذ 7 أكتوبر الماضى، عاد الحديث بقوة حول قدرة المحكمة الجنائية الدولية، على ملاحقة مرتكبى الجرائم الهمجية لقادة الاحتلال الإسرائيلى المرتكبة فى فلسطين المحتلة، وتجد المحكمة نفسها فى هذه الحرب، خصوصا أمام تحد قانونى حقيقى، يختلف عن التحديات الناجمة عن الحروب السابقة، كون النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية دخل حيز النفاذ، بالنسبة لفلسطين فى 1 إبريل 2015، على أساس الإعلان الفلسطينى المودع لدى المحكمة بموجب الفقرة 3 من المادة 12، بقبول اختصاص المحكمة بأثر رجعى، يعود لتاريخ 13 يونيو 2014 لتصبح فلسطين الدولة العضو رقم 123، وبذلك دخلت الأراضى الفلسطينية المحتلة بحدود 1967 ضمن الاختصاص الإقليمى للمحكمة وعملها، ووفقا لنص الفقرة (أ) من المادة 12 من النظام الأساسى للمحكمة، فإنه لا يمكن لدولة الاحتلال الإسرائيلى التملص من مسئولياتها القانونية، تجاه المحكمة بذريعة عدم انضمامها للنظام الأساسى للمحكمة، ذلك أن اختصاص المحكمة، يشمل الدولة التى وقع فى إقليمها السلوك قيد البحث وفقا لنص المادة المذكورة، وقد سبق لمكتب المدعى العام للمحكمة، أن أعلن الشروع فى دراسة أولية للوضع فى فلسطين، انطلاقا من الإعلان الفلسطينى المذكور.

ويمضى لعبيدى فى الحديث، قائلا: تختص المحكمة الجنائية الدولية، بالنظر فى الجرائم الأشد خطورة، أوضحها بالنسبة لحرب غزة تلك المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وبدرجة أقل جرائم الإبادة الجماعية التى تستوجب المادة 6، من نظام روما الأساسى، أن ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية، بهذه الصفة إهلاكا كليا أو جزئيا، وهى مسألة يصعب إثبات الصلة بينها، إلا من باب ضيق وهو «إبادة الفلسطينيين لقوميتهم العربية أو دينهم الإسلامى»، فضلا عن كونها تحتاج شجاعة من المدعى العام للمحكمة، لاعتبارها أساسا معقولا عن جرائم الإبادة الجماعية، التى يرتكبها قادة الاحتلال الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة، أما الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، فلا غبار عليها ولا مبرر أمام المحكمة لرفض اختصاصها، لعدم وجود أساس معقول بنظرها، لكونها تشكل بإجماع فقهاء القانون الدولى الإنسانى نموذجا سيئا، لأبشع جرائم الاحتلال الإسرائيلى مكتملة الأركان المعتمدة، والمعلنة أيضا، ولم يعد قادة الاحتلال الإسرائيلى يتورعون فى إعلان وحشيتهم وهمجيتهم أمام مرأى ومسمع العالم، بقتل آلاف الفلسطينيين وتهجير مئات الآلاف منهم قسرا من الشمال إلى الجنوب، ثلثهم من الأطفال والنساء، والاستهداف الممنهج ضد المدنيين العزل، المرتكز على أكاذيب مفضوحة من قبيل «استعمال المدنيين دروعا بشرية»، دون أى دليل، بل إن وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلى، لم يجد فى نفسه فجاجة فى أن يصرح علنا لوسائل الإعلام يوم 9 أكتوبر الماضى، بأن جيشه يحارب “حيوانات بشرية”، ومعلنا فى الوقت نفسه عقابا جماعيا لا مبرر له بحصار غزة، وقطع إمدادات الماء والطاقة والغذاء والدواء عنها.

ويضيف: لم تعد تخفى دولة الاحتلال الإسرائيلى، مخططها القديم الجديد بتهجير سكان غزة قسرا، على لسان قادتها تارة منها وإلى سيناء المصرية، وتارة من شمالها إلى جنوبها التى باتت قناعة راسخة لدى الحركة الصهيونية، بأن هذه الأرض لا تتسع لشعبين، ولا بد من طرد وتهجير من فيها لإقامة دولتهم المزعومة، التى تحتاج إلى أرض أكبر وعرب أقل، والعائق الوحيد أمامهم، ليس لأن دولة الاحتلال لا تريد، لكن لأنها لا تستطيع، بدليل تصريحات كبير المتحدثين العسكريين لدولة الاحتلال للإعلام الأجنبى، التى نصح فيها الفلسطينيين الفارين من الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة بالتوجه إلى مصر، فضلا عن القصف المكثف الهمجى والعشوائى غير المسبوق على شمال قطاع غزة، من أجل إجبار السكان على ترك القطاع الشمالى، وتخييرهم بين “الموت أو النزوح” خدمة لهذا المخطط الخبيث، وأمام هذا الواقع لم يعد أمام المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، سوى الاختيار بين أن يطلق رصاصة الرحمة على جبين محكمته، التى لم تختبر عدالتها فى مواجهة مواطنى القوى العظمى، أو أن يضع حجر الزاوية بنفسه: لميلاد قانون دولى إنسانى جديد يكرس هيمنة القانون، لا قانون الهيمنة.

ويرى البروفيسور إسماعيل معراف، باحث فى الشئون القانونية والسياسية، أن تحريك دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، يعد أمرا طبيعيا، ويضيف قائلا: النظام القانونى للمحكمة الذى جاء بموجب اتفاقية فلسطين المنشأة لهذه المحكمة الجنائية، أعطت الإمكانية بالنسبة لأفراد الدول المتضررين من جرائم معينة، وحددت هذه الجرائم بموجب أيضا القانون الدولى الإنسانى، منها الإبادة الجماعية والتصفية العرقية، وقتل المدنيين، وعدم احترام صراحة قواعد المعاملة فى الحروب، وكل هذه العناصر متوافرة الآن من إبادة بالنسبة لسكان غزة، هذا الإقليم التابع للسلطة الوطنية المعترف بها دوليا، وبالتالى يمكن للأشخاص أن يرفعوا هذه الدعوة ضد الكيان الصهيونى دولة إسرائيل، وأيضا يتقدموا بها ضد رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع، وعلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، والقانون الأساسى بالنسبة لهذه المحكمة، أعطى الحقوق المتضررة من هذه الانتهاكات التى تتم ضدهم أن يحركوا دعوة قضائية.

ويتابع: يستطيع المدعى العام للمحكمة أيضا، أن يدرج الانتهاكات الإسرائيلية ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، وليست بعيدة عنها، وبالتالى تستطيع السلطة الوطنية، أن تتأسس كطرف مدنى ضد إسرائيل، لإقامة دعوة قضائية ضد الانتهاكات التى تتم، علما بأن إسرائيل ليست عضوا وتقريبا تدعى بأنها لم تقم بهذه الجرائم، وسبق من قبل أن قامت قناة الجزيرة، بتقديم دعوى قضائية ضد الجيش الإسرائيلى تتهمه فيها، باغتيال شيرين أبو عاقلة الصحفية، لكن إسرائيل تحركت واعتبرت بأن الأدلة التى قدمتها قناة الجزيرة غير صحيحة، وماذا حدث لشيرين أبو عاقلة؟ وهذا يدخل ضمن الأشياء التى تحدث فى الحروب، والأمثلة كثيرة عن صحفيين ماتوا من خلال تغطيتهم، وهذه ضريبة المهنة، لكن هذه المرة أعتقد أن الجرائم موثقة بالفيديو والصور وعلى مرأى ومسمع من العالم، إذن قلنا إن الصور تستطيع أن تحرك ذلك، فمن حق الأشخاص المتضررين أن يتقدموا بدعوة ضد السلطة الإسرائيلية ودولة إسرائيل، سيما وأن رئيس الحكومة شخصيا يتم تعبئته، مثلما حدث فى دارفور، وتستطيع أيضا جامعة الدول العربية، أن تتأسس كطرف على اعتبار أن السلطة الفلسطينية، وفلسطين لديها مقعد ثابت داخل جامعة العربية، تستطيع أيضا أن ترفع باسم جامعة الدول العربية، أن ترفع باسم الشعب الفلسطينى الذى يتعرض لإبادة بوحشية من طرف إسرائيل.

ويوضح معراف قائلا: أعتقد أن رئيس فلسطين، قد أشار لهذه الفكرة منذ مدة، وعرف أن المحكمة الدولية بإمكانها أن تنصف الطرف الفلسطينى ولو أن فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول التى ربما تعترض وتعتقد أن إسرائيل كانت فى منطقة دفاع شرعى، بعد الهجمات التى تلقتها من طرف حماس، لكن القضية ربما لجمعيات المجتمع المدنى فى الدول العربية، أو أى جمعيات حقوقية، واتحاد المحامين العرب، من الممكن أن يرفعوا دعوى قضائية ضد إسرائيل لتقديم كل الأدلة، لا سيما بأن الأدلة والانتهاكات واضحة، ومن الممكن للمدعى العام أن يقبل تلك القضية.

ويتساءل زاوى رباح، أستاذ العلاقات الدولية، عن كيف يمكن تحريك المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم إسرائيل، ويجيب قائلا: فى ظل التصعيد الصهيونى المستمر على قطاع غزة خصوصا، وعلى الأراضى الفلسطينية عامة، خصوصا أنه يبدو أن الكيان الصهيونى مستمر فى مخالفة القانون الدولى، وارتكاب جرائم ترقى إلى تصنيفها كجرائم إبادة، ولعل أهم تلك الأعمال العدائية جريمة القصف الذى تعرض له مستشفى المعمدانى، حيث بلغ ضحايا العدوان أكثر من 37 ألفا بين شهيد وجريح ومفقود تحت الأنقاض، ونزوح أكثر من مليون و600 فلسطينى من منازلهم.

ويمضى زاوى فى الحديث، قائلا: من جانب آخر، يبدو أن الحديث عن ضرورة رفع دعوى ضد الكيان الصهيونى، أمام المحكمة الجنائية الدولية، هو مطلب عادل فى ظل خطورة الوقائع الموجودة، كما أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار، أن اختصاص المحكمة، ينعقد عندما تقبل الدول المتنازعة بهذا الاختصاص، أو أن دولة ليست طرفا فى هذه الاتفاقية، تطلب التحقيق فى الجرائم المحتملة، أو يتم الإحالة من مجلس الأمن بموجب اختصاصاته، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وما يحدث فى غزة، هو للأسف الشديد تطبيق عملى لكل الجرائم، التى نص عليها النظام الأساسى للأمم المتحدة، سواء كانت إبادة جماعية أم جرائم الحرب، من جانب آخر يتضح جليا، أن هناك تعمدا إسرائيليا لضرب المدنيين بدور العبادة والمدارس، والمستشفيات وحجم الضحايا من المدنيين وخصوصا الأطفال، تقريبا نصف أعداد الضحايا بالإضافة إلى منع دخول المساعدات الذى يؤدى إلى إهلاك المدنيين.

ويضيف: من أجل تحريك المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، أو أى دولة أخرى بشأن جرائم محتملة، هناك عدة خطوات وآليات يجب اتباعها، أولها طلب الولوج، بمعنى أنه يجب أن يقدم طرف مهتم أو دولة عضو فى معاهدة روما، طلبًا رسميًا إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق هذا الطلب، يجب أن يحتوى على معلومات دقيقة تشير إلى الجرائم المزعومة والأدلة المتاحة.

وبعدها يتم النظر فى الطلب، حيث تقوم المحكمة بمراجعة الطلب وتقييمه للتحقق من مدى توافر معايير الولوج. يجب على المحكمة التحقق من أن هناك اختصاصا مطلوبا، وأن الجرائم المزعومة تتوافق مع الأنشطة المشمولة بالمعاهدة، وبعدها يتم اتخاذ قرار التحقيق، حيث إذا قررت المحكمة أن هناك أسبابا كافية للشك فى وجود جرائم جنائية تستدعى التحقيق، فإنها تصدر أمرًا ببدء التحقيق. تتعاون المحكمة مع الأطراف المعنية فى سياق التحقيق لتأتى بعدها عملية التحقيق، والمحاكمة أين يجرى التحقيق بناءً على أمر المحكمة، ويمكن أن يؤدى إلى المحاكمة إذا تم العثور على دلائل كافية تشير إلى الجرائم المزعومة.

وإذا أيدت المحكمة أحكامًا بالإدانة، فإن الدول الأعضاء فى المحكمة ملزمة بتنفيذ هذه الأحكام، إذا لم تتعاون الدولة المدانة، فإن المحكمة يمكنها اللجوء إلى الأمم المتحدة لتطبيق العقوبات.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية، أنه يجب أن تتبع هذه الخطوات بدقة وبموجب أحكام معاهدة روما، والأنظمة الداخلية للمحكمة الجنائية الدولية، ويضيف قائلا: هناك دلائل قوية على ارتكاب جرائم جنائية، يمكن للمحكمة فتح تحقيق، واتخاذ الإجراءات اللازمة بناء على القوانين الدولية، لكن من جانب آخر، أعتقد أنه يمكن ملاحظة، أن هناك تباطؤا من قبل المحكمة والمدعى العام الجديد كريم خان، الذى صرح أخيرا بأنه سيكون لدينا التصميم والجلد والاحترافية، للتأكد من أننا نفصل بين الادعاءات والحقيقة، وأنه يمكننا النظر إلى الأدلة والتحقيق فى أدلة التجريم والتبرئة على قدم المساواة والأهم من ذلك، فى هذه اللحظة، التأكيد على حقيقة أنه لا ينبغى أن يكون هناك أى عائق أمام وصول إمدادات الإغاثة الإنسانية إلى الأطفال والنساء والرجال المدنيين. إنهم أبرياء، ولديهم حقوق بموجب القانون الدولى الإنسانى، وهو تصريح يؤكد وجود تناقض فى التعاطى مع الوضع فى فلسطين، بينما على النقيض، العملية أكثر فاعلية فى التعاطى مع ملفات أخرى، كالوضع فى أوكرانيا، كما أنه ومنذ بدء الحرب على غزة، تواصل إسرائيل ارتكاب جرائم مختلفة، منها جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية.

ويضيف: كما أن الهجوم الذى نفذته حماس، لا يبرر تلك الانتهاكات، فتجويع السكان ومحاولة إزالتهم من الوجود والقيام بهجمات عشوائية ضد المدنيين وممتلكاتهم، هو انتهاك واضح للقانون الإنسانى الدولى ويرقى لمستوى جرائم الحرب، وبالتالى أعتقد أنه، ومن أجل ضمان تحرك الدول من أجل إدانة الكيان الصهيونى، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار العوامل التى تؤثر على العملية، أولها يجب أن تكون هناك ضغوط سياسية من بعض الدول لمنع المحكمة من التحقيق فى جرائم محتملة، وهذا يمكن أن يؤثر على قرارات المحكمة، كما أن التعاون الدولى ضرورى للتحقيق وتنفيذ الأحكام، إذا لم تتعاون الدولة المشتبه بها أو دول أخرى مع المحكمة، فإنها قد تصعب عمليات التحقيق وتنفيذ الأحكام. هذا دون أن ننسى مسألة، أنه يجب أن تكون الجرائم المزعومة تحت اختصاص المحكمة، وتتوافق مع معاهدة روما وقوانين المحكمة، وأن تتوافر أدلة كافية لدعم التحقيق والمحاكمة، فى حالة عدم توافر أدلة كافية، يمكن أن تعرقل التحركات القانونية.

ويقول: تصورى أن محكمة الجنائية الدولية، لن تتحرك فى جرائم الإنسانية ضد الكيان الصهيونى، فالثقة مفقودة فى المحكمة، لأن نجاحاتها كانت قليلة، وهناك جرائم ترتكب فى أماكن، لكن بدون تحرك المحكمة كما الإجراءات طويلة، وحتى النتائج طويلة ولاحظنا مرور 9 سنوات على التحقيق فى قضايا فلسطين من قبل اختصاص المحكمة، ولم ينفذ شيئ وهذا ما أدى إلى تزايد الإفلات من العقاب، حيث إن المحكمة غير قادرة على التنفيذ، فالكيان الصهيونى لم يبرم اتفاقية بشأن تنفيذ أحكام المحكمة، وفى هذه الحالة لابد من إنشاء محكمة جنائية دولية خصوصا، وهى تنسق مع المحكمة الجنائية الدولية، كما أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت 52 مذكرة توقيف، منها 47 الأفارقة، وهناك نية من دول إفريقية للانسحاب من المحكمة، وعليه فإن تصورى لتقديم مرتكبى الجرائم للمحاكمة، وعدم الإفلات من العقاب، هو أن تقدم مجموعة الدول العربية والإسلامية، وحركة عدم الانحياز مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يضمن المشروع إنشاء محكمة جنائية خاصة دولية لمحاكمة مرتكبى الجرائم فى قطاع غزة، والاحتمال الثانى أن تقوم محاكم إقليمية بمحاكمة المجرمين، على أن تنسق مع المحكمة الجنائية الدولية.

ويتابع: الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فشلا فى صون السلم والأمن الدوليين فى الشرق الأوسط، ولاسيما فى فلسطين، حيث إن القضية الفلسطينية مجدولة منذ 75 سنة أمام الهيئة الأممية، وبدون حل بل أكثر من ذلك، الولايات المتحدة أمريكية استعملت أكثر من 46 مرة، حق الفيتو، ضد قرارات فى صالح القضية الفلسطينية، فإذا كان هذا يحدث فى أكبر هيئة أممية، فكيف للمحكمة الجنائية الدولية أن تفرض ولايتها على الكيان الصهيونى؟
اخبار جوجل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى