إلي اين سيذهب العالم بقلم : لواء / حسام سمير

العالم إلى أين سيذهب
لم يكن أحد يعلم أن المغامر (كريستوفر كولمبوس)وهو يعبر المحيط الأطلسي مبحرا فى القرن الرابع عشر نحو الغرب هو إيذانا بتغيير خريطة العالم واكتشاف تلك القارة البعيدة النائية ..ولم تكن قدمه التى وطأت الأرض الجديدة ماهى إلا أول كلمة فى السطر الاول من كتاب أمريكا الدولة القوية الكبيرة..فقد أدى هذا الاكتشاف الجديد إلى بداية تدفق الأوروبيون وهجرتهم هربا من عصر الظلام الذى ساد القارة العجوزبحثا عن أمل جديد ..كانت تلك الأرض البكر بما تملكه من ثروات هائلة مستعدة ومهيأة إلى البناء والإعمار والتنظيم ..هناك وبعيدا عن العالم القديم بدأت ملامح قوة جديدة تتشكل وتأخذ مكانها تدريجيا ..كل العوامل تضافرت من أجل ذلك ..فقد أضاف البعد الجغرافى لأمريكا ميزة لم تتوافر لغيرها من الأراضى الأخرى .. وكانت ثرواتها الهائلة سببا لأن تتقدم فى هدوء بينما يعانى غيرها من صراعات متأججة أدت إلى تراجعات متكررة ومؤثرة
وبعد أن تم القضاء على أهل الأرض الأصليين وهم ماأسموهم (الهنود الحمر) اعتقادا خاطئا من هؤلاء الغزاة بأنهم ينتسبون إلى القارة الهندية
وبعد الحرب الأهلية الطاحنة استطاع جورج واشنطن أن يوحد البلاد وفى أقل من مائتى عام تبلورت الدولة الأمريكية وأخذت مكانتها بين الجميع ..وفى الحربين العالمتين السابقتين استطاعت الجغرافيا الخاصة بأمريكا الجديدة أن توفر لها حماية خاصة لأراضيها وهى بذلك لم تكن مثل غيرها من أطراف الصراع فى كل أنحاء العالم
كان انتهاء الحرب العالمية الثانية إعلانا بظهور قوتين جديدتين ..فالامبراطورية الروسية كانت تقبع فى الطرف الآخر من الأرض ..بدأ صراع القوتين حول مناطق النفوذ فى العالم كله واستمرت الحرب الباردة حتى دانت السيطرة الأمريكية فى بداية التسعينيات من القرن الماضى بتفكيك مايسمى بالاتحاد السوفيتى وتقسيمه إلى دويلات ..
لم يعد العالم يعرف ماسمى بالقطبين الكبيرين ..وأصبح العالم يعيش فى فلك القطب الأمريكى الأوحد
لم يكن يحدث كل ذلك إن لم يكن هناك من يملك ويخطط ويصنع كل الاحداث التى شهدها العالم
فى مكان ما كان هناك من يتحكم فى مقادير العالم ويعيد رسم خريطته عدة مرات ..لم يكن هؤلاء ينتمون لدين أو يؤمنون بهدف أو يبغون سلما..هم فقط يعتبرون أنفسهم مختلفون عن سائر البشر ..هم الأعلى والأسمى..عرفوا باسم ( النورانيين)..أو هكذا سموا أنفسهم ..بينما أطلقوا على من هم دونهم اسم الحواييم وهى تعنى (القطيع)..استطاعوا أن يجندوا أصحاب العلم والفكر فى كل أنحاء العالم ..كانوا سببا فى اشتعال الحروب وتأجج النزاعات ..امتلكوا كل وسائل التكنولوجيا والإعلام والمال ..خططوا ونجحوا فى قيام الثورة الشيوعيةفى روسيا . أشعلوا فتائل الحربين العالمتين..فتتوا الشعوب ..فأصبح هناك الكورتين الشمالية والجنوبية ..والهند وباكستان . والصين وتايوان ..هم أيضا من زرعوا الكيان الصهيونى فى قلب العرب بمعاهدات جائرة اغتصبت الأرض وشردت الشعوب
كانت أمريكا وطفلتها المدللة إسرائيل تمارس غطرسة وتبجح ..وكان القتل والاغتصاب هواية ومنطق ..بينما ترفع دولة القطب الواحد شعارات الديمقراطيات الزائفة وتفرضها كنظام للحكم بين الشعوب..وكانت الرأسمالية الجديدة تتسلل إلى كل الدول باعتبارها نموذجا فريدا للملكيات العامة والملكيات الخاصة ..وهى تفتح أفاق لاحدود لها معتمدة نظريات إقتصادية تبدو عادلة ومناسبة ومتفردة عن النظام الاشتراكى الشيوعى
فى الجانب الأخر من الكرة الأرضية استيقظ الدب الأبيض من ثباته وغفلته وتخطى محنته مع ظهور الماكر الداهية الذى قاد روسيا إلى إستعادة إرثها التاريخى ومكانتها المفقودة ..كان فلاديمير بوتين هو رجل الساعة الذى أتى به القدر ليعيد تشكيل العالم من جديد ..أمسك قلمه وبدأ يرسم هو الأخر خريطة جديدة لعالم جديد يعود إليه الازدواجية القطبية وتتوارى خلفها الأحادية القطبية .وبينما يشتد الصراع وتتواتر الأحداث يمر العالم بمنعطف خطير قد لايخرج أحدا منه منتصرا ..فالعالم كله سيدفع لكل ذلك ثمنا باهظا …وبينما يستمر الحزب الديمقراطى الأمريكى اليسارى فى سياساته المدمرة ويدفع بأوروبا إلى أتون الحرب يستفيق حليف أمريكاورجلها زيلينيسكى من غفوته مدركا تخليها عنه فيعرض حيادا لدولته وهو يستجدى تفاوضا مع الروس بعدما شاهد تدمير بلاده وتشريد شعبه فى حرب سيكون فيها هو وحده الخاسر الأكبر..
تبدو أمريكا خائفة ومرتبكة فلم تعد أرضها فى هذه المرة بمنأى عن الصواريخ الروسية العابرة للقارات فالطرف الأخر هو الأقوى نوويا وتفوقه التكنولوجى يمنحه ميزة السبق ويفقد أمريكا القدرة على إيقاف أو صد أى هجوم
وبينما تنتهج روسيا أسلوبا تكتيكيا جديدا فى هذه الحرب وتعتمد على دك القدرات العسكرية الأوكرانية وقصفها بالصواريخ ذات القدرات الخاصة فى التدمير . .يستعد الأوكرانيين إلى القتال داخل المدن ..ويظل الأمر بالنسبة للعالم كله مرهون بسقوط كييف العاصمة . . والتى تبدو هى القشة الأخيرة التى يتمسك بها الغرب وأمريكا تجنبا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى