خاين يا طرخون بقلم : دكتور/ شاكر رفعت بدوي

روي الشاعر الدمشقي نزار قباني فيقول: عندما كنت دبلوماسياً في بريطانيا كانت أمي ترسل لي في مطلع الربيع في داخل كل رسالة حزمة طرخون .. وعندما ارتاب الإنجليز من رسائلي أخذوها إلى المختبر ووضعوها تحت أشعة الليزر وعندما تعبوا مني ومن طرخوني سألوني : قل لنا بحق الله ما اسم هذه العشبة السحرية التي دوختنا هل هي تعويذة أم هي دواء أم هي شفرةٌ سرية وماذا يقابلها باللغة الإنجليزية ؟ …
قلت لهم: صعبٌ أن أشرح لكم الأمر .. فالطرخون لغةٌ تتكلمها بساتين الشام فقط وهو عشبتنا المقدسة وبلاغتنا المعطرة .. ولو عرف شاعركم العظيم شكسبير الطرخون لكانت مسرحياته أفضل .. وباختصار .. إن أمي امرأةٌ طيبةٌ جداً وتحبني جداً وعندما كانت تشتاق لي كانت ترسل لي باقة طرخون ..
فالطرخون عندها هو المعادل العاطفي لكلمة (يا حبيبي) أو لكلمة (تقبرني).. وعندما لم يفهم الإنجليز حرفاً واحداً من مرافعتي الشعرية أعادوا لي طرخوني وأغلقوا محضر التحقيق.
الطرخون عشبة عطرية تشبه الزعتر الأخضر البري له نكهة خاصة ورائحة مميزة والباعة ينادون بحارات الشام وأسواقها : خاين ياطرخون بتزرعو بدوما، بيطلع بقابون..
وسبب خيانته هو أنك تزرعه في بستانك فينبت في بستان غيرك..
تُرى كم طرخون زرعناه في أرضنا وسقيناه بماء عيوننا ورعيناه حق رعايته، وعندما اشتد عوده واستغلظ واستوى على سوقه يعجب الزُّرّاع .. طرح أطيب الثمر في أرض غيرنا ؟