علم من أعلام التصوف أبو العلمين العارف بالله أحمد الرفاعي (الجزء الأول)

علم من أعلام التصوف أبو العلمين العارف بالله أحمد الرفاعي (الجزء الأول)

 

إعداد/ د. محمد أحمد محمود غالى

 

العارف بالله أحمد الرفاعي مؤسس الطريقة الرفاعية، هو أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى الرفاعي الحسيني، ولد في قرية حسن من أعمال واسط عام ٥١٢هـ ، تفقه وتأدب وتصوف في واسط، فانضم إليه خلق كثير من العراق، وكان يسكن قرية أم عبيدة بالبطائح، وتوفي بواسط البصرة سنة ٥٧٨هـ، وقبره محط الرحال إلى الآن (الزركلي، خير الدين، ٢٠٠٢م، ١٧٤/ ١).

نشأ الإمام أحمد الرفاعي منذ طفولته نشأة علمية وأخذ في الانكباب على العلوم الشرعية، فقد درس القرآن العظيم وترتيله على الشيخ عبد السميع الحربوني في قريته وله من العمر سبع سنين، وانتقل مع خاله ووالدته وأخوته إلى بلدة نهر دفلي من قرى واسط في العراق بعد وفاة والده. أدخله خاله على الإمام الفقيه الشيخ أبي الفضل علي الواسطي وكان مقرئا ومحدثا وواعظا عالي الشأن. فتولّى هذا الإمام أمره وقام بتربيته وتأديبه وتعليمه، فجدَّ السيد أحمد الرفاعي في الدرس والتحصيل للعلوم الشرعية حتى برع في العلوم النقلية والعقلية، وأحرز قصب السبق على أقرانه.

وكان الإمام أحمد الرفاعي يلازم دروس العلم ومجالس العلماء، فقد كان يلازم درس خاله الشيخ أبي بكر سلطان علماء زمانه كما كان يتردد على حلقة خاله منصور البطائحي، وتلقّى بعض العلوم على الشيخ عبد الملك الحربوني وحفظ عنه كتاب (التنبيه) في الفقه الشافعي للإمام أبي إسحق الشيرازي وقام بشرحه شرحا عظيما، وأمضى أوقاته في تحصيل العلوم الشرعية على أنواعها، وشمَّر للطاعة وجَدَّ في العبادة حتى صار عالما وفقيها شافعيا وعالما ربانيا رجع مشايخه إليه وتأدب مؤدبوه بين يديه (ابن الأثير، أبو الحسن، ١٩٩٧م، ٤٢٩ / ١١).

كان رضي الله عنه من الصوفية

الصادقين ، المخالفين لهواهم والعاملين بشريعة الله تعالى. وكان لا يتبع نفسه الهوى في المأكل والمشرب والملبس وغير ذلك، بل كان يقتصر على القدر الذي يحفظ له صحة جسده من المأكل والمشرب والملبس مع بذل الجهد في عبادة الله تعالى في أداء الفرائض والإكثار من النوافل. وكان الشيخ أبو الفضل علي محدث واسط وشيخها قد أجاز الإمام أحمد الرفاعي وهو في العشرين من عمره إجازة عامة بكل علوم الشريعة والطريقة وأعظم شأنه ولقبه بـ “أبي العلمين”، أي الظاهر والباطن. كما لقب أيضا بألقاب عديدة منها “شيخ الطرائق” و”الشيخ الكبير” و”أستاذ الجماعة”. كان الإمام أحمد الرفاعي على قدر كبير من التواضع حتى صار يضرب فيه المثل بالتواضع، وكذلك كان مشايخ سلسلة طريقته معروفون بين الصوفية بالتواضع وهذا حظ كبير وخلف جميل.

دأب الإمام الرفاعي كغيره من العلماء العاملين في تعليم الناس أمور دينهم وجَدَّ في الوعظ والإرشاد وعقد حلق العلم حتى كان نبراسا يستضيء به الناس فيما ينفعهم، وكان لا يفتر عن تعليم الناس هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأسرار القرآن العظيم.

(الحنبلي، ابن العماد،١٩٨٦م، ٩٥٢ / ٤).

للإمام أحمد الرفاعي مؤلفات كثيرة فقد أكثرها خلال حرب التتار، ومما بقي من كتبه الأتى : (النظام الخاص لاهل الاختصاص، المجالس الاحمديه، البرهان المؤيد، حالة أهل الحقيقة مع الله،

التحفه الرفاعيه، كتاب الحكم شرح التنبيه «فقه شافعى»، كتاب قلادة الجواهر، أقطاب الصوفيه، تفسير سورة القدر، معاني بسم الله الرحمن الرحيم)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى