مشاركة الشباب بقوة وكثافة العنصر النسائى.. «تجليات» مهرجان الفنون الإسلامية فى الشارقة

برعاية وحضور الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، الذى يحرص دائما على مشاركة الشباب، لذلك يزداد المهرجان تألقاً، ويصبح أكثر حيوية ، بل ويضيف كل ما هو جديد، بهدف تأصيل الفنون الإسلامية والمحافظة على التراث.
على مدار أربعين يوما التقى الفنانون من مختلف الدول العربية والأجنبية، ليتبادلوا المعارف والخبرات، لتسود حالة من الوئام وهو ما يحرص عليه حاكم الشارقة، هذا الرجل صاحب الأيادى البيضاء والتى تمتد لجميع أرجاء الوطن العربى، حاملة مشاعل الثقافة والتنوير ودعمه الدائم للمثقفين.
حمل مهرجان الفنون الإسلامية هذا العام شعار “تجليات”، وجاءت الأعمال المشاركة ملامسة لهذا الشعار “ضمن بناءات فنية، تقارب المفهوم وتحاول لمس جوهره الدلالى الواسع”.
اللافت للانتباه فى هذا المهرجان، أنه ليس معرض المكان الواحد بل هو مهرجان المكان المفتوح، انطلاقا من المعارض والأماكن المخصصة للعرض، وصولا إلى الأماكن الخارجية المملوءة بالحياة والحركة، حيث يستطيع الجمهور أن يكون على مقربة من سلسلة تجهيزات تعبر عن الفنون الإسلامية .
بدأت فاعليات المهرجان منذ عام 1998، والهدف منه إعادة الفن الإسلامى الأصيل إلى مكانته العالمية، بجانب الفنون الجميلة الأخري، ومنذ دورته الأولى وصولا إلى بلوغه ربع قرن، وهو يعيد إنتاج فنون جديدة تلائم روح العصر، مع المحافظة على التراث والأصالة، أى صناعة جمالية تجمع بين أصالة هذا الفن مع رؤى فنية حديثة.
افتتح المهرجان حاكم الشارقة بمتحف الشارقة للفنون، وحرص على التجول فى جنبات المعرض، مطلعا على الأعمال الفنية المشاركة، ومتعرفا على أبرز الدلالات والمعانى التى تعكسها أعمالهم، لتعبر عن شعار المهرجان فى تناغم وتنوع، يعزز من المشهد الفنى الإسلامي.
حضر الافتتاح كل من عبد الله محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة ومحمد بن عبيد الزعابى، رئيس دائرة التشريفات والضيافة وعائشة راشد بن ديماس، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف ومحمد القصير، مدير المهرجان وعدد من المسئولين والفنانين .
وأكد مدير عام الأنشطة الثقافية بالدائرة محمد القصير لـ «الأهرام العربي»، أن هذا المهرجان تزداد مدته العام المقبل، لتمتد على مدار شهرين، وفقا لتوجيهات حاكم الشارقة، الذى أشاد بالمهرجان والأعمال الفنية المعروضة.
يشارك فى المهرجان هذا العام ما يقرب من 50 فنانا من 25 دولة عربية وأجنبية، ويقدم خلال هذه الدورة 132 فاعلية تتوزع بين معارض، وورش فنية ومحاضرات، تستضيفها دائرة الثقافة، بالتعاون مع 18 جهة فى الشارقة منها بيت الحكمة، واتحاد المصورين العرب وجمعية التصوير الضوئي، جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وتشمل الفاعليات 47 معرضا يحتضنها متحف الشارقة للفنون، متحف الشارقة للخط ولأول مرة تعرض فنون ومجسمات عند شاطئ كلباء ومدرج خورفكان.
نورا علوان: سعدت بإشادة حاكم الشارقة بعملى الفنى
البداية كانت فى متحف الشارقة للفنون، حيث تجولنا فى عدد من معارض بعض الشباب العرب، والتقينا الفنانة “نورا علوان” من مملكة البحرين تقول: أشارك لأول مرة فى هذا المهرجان، وسعدت بلقاء حاكم الشارقة د. سلطان بن محمد القاسمي، وازدادت سعادتى بإشادته بالعمل وسماعه لشرحى، فهو داعم لكل شباب العرب.
وأضافت: أشارك فى مهرجان الفنون الإسلامية بعمل يسمى “مدارات مقدسة” هذا العمل جزء من مشروع كبير أعمل عليه، منذ ثلاث سنوات، وهو يتمحور حول أعمال جدى رحمة الله عليه.
حرصت من خلال هذا العمل، وهو عبارة عن قلب أسطوانى من القماش الشفاف المطرز المضاء من الداخل وطبقة خارجية من القماش الأبيض الفارغ، التى تنعكس عليها ظلال التطريز، وبمجرد أن يدخل الزوار ويكشفون عن الطبقة الأولى، فسرعان ما يقابلون ظلال الأنماط لساعات متواصلة.
مكتوم آل مكتوم: العمل استغرق أربعة أشهر
كما يشارك الفنان التشكيلى الإماراتى مكتوم آل مكتوم بعمل مجسم فنى، يحمل عنوان “مراحل الوجود” ويقول: عملى عبارة عن عروق اليد مرفوعة فى تجلى إلى الله سبحانه وتعالى من أجل الدعاء، حيث أعتبر اليد العنصر الأكثر قيمة فى الممارسة الدينية للفرد واتصاله بالله، مشيرا إلى أنه استخدم اللون الأرجوانى الداكن، حيث يرمز هذا السائل الموجود فى العروق إلى الزمن.
ويضيف: تعمدت أن يتساقط سائل الصبغة ببطء على اللوح الموجود على الحجر الرملى ويفرغ بعد ستة أسابيع، ليقدم رمزية يشكل فيها تسرب السائل، وهذا يرمز لعودة الحياة مشيرا إلى أنه يشارك فى المهرجان للمرة الأولى، وأن عمله نال إعجاب حاكم الشارقة، وقد استغرق العمل أربعة أشهر .
فرح البهبهانى: حاكم الشارقة سألنى عن كل تفصيلة فى العمل
ثم التقينا بالفنانة التشكيلية “فرح البهبهاني” من دولة الكويت، وهى من مواليد 1991 وتشارك لأول مرة فى هذا المهرجان، وتقول: حصلت على درجة الماجستير فى الفنون والتصميم من لندن عام 2007، وأشارك بعمل يسمى “تجاوز الحجب” الهدف منه استكشاف تفسيرات النور، كما جاء فى سورة النور “الله نور السموات والأرض” كما أن النور أحد أسماء الله الحسنى، وهو إشارة إلى أصل كل الخلق، حيث تمثل الحجب السبعة 70 ألف طبقة، بيننا وبين المصدر النهائى للنور.
وتقول: سعدت جدا بلقاء حاكم الشارقة وتجوله فى المعرض، فقد سألنى عن كل تفصيلة فى العمل وأعجب به كثيرا.
أما الفنان التشكيلى د.سعد الهويدى من المملكة العربية السعودية فيشارك بعمل فنى يسمى “على الفطرة” ويقول: هذا العمل يعد بمثابة شعاع رأسى، يدل على الطاقة الكامنة داخل الإنسان، وتأثيرها المحتمل حيث يوحى شعاع الضوء بالاتصال مع الكون من خلال العبادة الدينية التأملية التى تنير الروح والعقل وترسل الطاقة إلى أماكن أبعد من مستوى الأرض، وتمكن الإنسان من تجاوز حضوره الأبدي.
ثلاثة معارض للخط العربي
ضمن فاعليات المهرجان افتتح الدكتور عبد الله بن محمد العويس – رئيس دائرة الثقافة بالشارقة – يرافقه محمد القصير – مدير المهرجان – وعائشة ديماس – مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف – ثلاثة معارض لفن الخط العربى، بدأت الجولة من جمعية الإمارات لفن الخط العربى والزخرفة الإسلامية، حيث معرض “كسوة الكعبة المشرفة بين المهابة والإبهار” والذى يقام بالتعاون بين الجمعية ومركز الكون للثقافة والإبداع السعودي.
شملت الجولة مركز الشارقة لفن الخط العربى والزخرفة، معرضى “تجليات آية” للخطاط المغربى عبد الرحيم كولين، و”جواهر الحروف” للخطاط التركى فرهاد قورلو.
مهرجانات محفزة للإبداع
التقت “الأهرام العربي” الخطاط المغربى عبد الرحيم كولين، والذى تحدث إلينا عن مشاركته فى هذا المهرجان ويقول: بالنسبة لتخصصى فى الخطوط، اخترت أن أشارك بمعرض للخط العربي، فأنا متخصص فى هذا الفن، وأدرسه فى أكاديمية الدار البيضاء فى المغرب.
ويضيف: الخطوط المغربية أصبحت التيمة التى أشتغل عليها وأحصل عليها من القرآن الكريم، وهذا المعرض يتناول العديد من لوحات الخط العربى، التى تشير إلى أن مشوار هذا الفن مع هذه التراكمات الزمنية والتاريخية له سلطة جمالية.
كما يقول: الخط فن أينما ظهر بهر، وهناك من يقول أينما ظهر سحر، هناك أجناس أخرى أجنبية تهتم بالخط العربي، فنجد الأتراك يكتبون الخط العربى بأشكال متنوعة، والخط باق، ويستمر بوجود هذه المهرجانات والأنفاس المبدعة، موضحا : أن المشاركة فى مثل هذه المهرجانات محفز، تجعلنا دائما نبحث عن كل ما هو جديد ومتميز.
فى بيت الحكمة
كما افتتح الدكتور عبد الله بن محمد العويس فى اليوم الثانى للمهرجان، خمسة أعمال فنية في”بيت الحكمة” والتقت “الأهرام العربي”، الفنان الكويتى جاسم النصر الله ويقول: هذه هى المرة الأولى التى أشارك فيها فى مهرجان الفنون الإسلامية، والعمل يحمل عنوان “تجليات الروح” حيث تبدو هاتان الكلمتان متضادتين، فالروح غيب والتجلى شهادة وظهور، لكنهما تجتمعان فى معنى أن يكون الإنسان مبصرا لذاته مدركا لها فى عبادته.
ويضيف: الفكرة الأساسية عندى تعتمد على استكمال مشوار الخط العربى التقليدي، الذى يتم فيه استخدام الحبر والورق، خصوصا فى كتابة المخطوطات، بهدف إظهار الحالة المعاصرة للفن العربى من خلال المجسمات، بحيث أستطيع التفاعل مع الحروف.
معارض شخصية
أيضا كان هناك عدد من معارض الخط الشخصية والمعارض الفردية، منها معرض للفنان الإماراتى عبد القادر الريس وجاء بعنوان “سكينة الحرف” ويشتمل على مجموعة من اللوحات التجريدية، بالإضافة إلى لوحة لجامع الشارقة الكبير ويقول عبد القادر الريس: حرصت على استخدام الألوان المائية على ورق من قياسات مختلفة، لخلق تناغم بين الحرف والفضاء اللونى المحيط حتى تكون الحروف فى حالة من مشتقات الألوان من ناحية أخري، والهدف من ذلك إظهار جمال الحرف العربى عن طريق إدخاله كما هو بقالبه الخطى الموروث، إلى لوحات مائية أو زيتية يتميز التلوين فيها بتعدد المستويات، بحيث نبتعد عن قواعد الخط النظامية أو الكلاسيكية.
اشتملت فاعليات مهرجان الفنون الإسلامية فى عدة إمارات ومدن، منها إمارة “كلباء” ولأول مرة يتم عمل مجسمات ورسومات على شاطئ “كلباء”، حيث تحرص إدارة المهرجان على توسيع نطاقه، بحيث يخرج إلى الفضاء الواسع الرحب، ليصبح المهرجان منارة من منارات الفن الإسلامى فى دولة الإمارات العربية المتحدة.