أساطير سورية .. بقلم الأديب/د.علي أحمد جديد

أساطير سورية .. بقلم الأديب/د.علي أحمد جديد
(إينانا) ، الآلهة السومرية ..
(إينانا) هي آلهة السومريين في بلاد مابين النهرين القديمة وهي رمز الخصوبة و الحب والجمال ، كما هي آلهة الحرب والعدالة والسلطة السياسية . كانت في الأصل آلهة الامبراطورية السومرية ، ثم قام بعبادتها لاحقاً الأكاديون والبابليون والآشوريون بعد غيّروا اسمها ليصبح (الآلهة عشتار) . وكذلك كانت تُعرَف باسم “ملكة السماء” وكانت آلهة معبد (EANNAإينا) في مدينة “اوروك” . وقد ارتبطت عبادتها بكوكب (الزهرة) وذلك كما جاء الحديث عنها في (سفر اخنوخ) من “العهد القديم” في الكتاب المقدّس الذي أشاروا فيه إلى علاقتها بالملكين(هاروت و ماروت) اللذين مارسا الفحشاء معها فكانت عقةبة الرب لها أن حوّلها إلى “كوكب الزهرة ” . وكان من أبرز رموزها (الأسد) و(النجمة) ذات الرؤوس الثمانية . وكان زوجها هو الإله (دوموزي) المعروف في الأساطير السومرية باسم (تموز) . وكانت (سوكالها أو المرافقة الشخصية لها) ، هي الآلهة (نينشوبور) المعروفة باسم الإله الذكر (بابسوكال).
كانت (إينانا) الآلهة الكبرى في سومر خلال فترة 3100 – 4000 ق.م ، وكان لديها مجموعة صغيرة من التابعين العابدين قبل فتح (سرجون) لمدينة (آكاد) . وخلال الحقبة السومرية التي جاءت بعد السرجونية ، صارت (إينانا) واحدة من أكثر الآلهة الموقرة على نطاق واسع في المعبد السومري (EANNA إينّا) ، الأضافة إلى المعابد في جميع أنحاء بلاد مابين النهرين . واستمرت عبادة (إينانا – عشتار) ، المرتبطة بمجموعة متنوعة من الطقوس الجنسية ، من قِبَل الأشخاص الناطقين باللغة الشرق – سامية والذين جاؤوا بعد السومريين في المنطقة . وكانت محبوبة من الآشوريين بشكل خاص الذين رفعوها لتصبح أعلى ألوهية من آلهتهم ومتقدمة في ذلك على الإله (آشور) . وتمت الإشارة إلى (إينانا) في التوراة العبرانية ، لتؤثر فيمابعد بشكل كبير على الآلهة الفينيقية (عشتروت) ، كما كان لها التأثير الكبير في تطور الآلهة اليونانية (أفروديت) . واستمرت عبادتها في الازدهار حتى تدهورها التدريجي بين القرنين الأول والسادس بعد الميلاد إثر انتشار الديانة المسيحية ، وذلك بالرغم من أنها قد حافظت على قدسيتها في أمصارٍ من بلاد النهرين حتى أواخر القرن الثامن عشر .
تظهر (إينانا) في عدد من الأساطير أكثر من أي آلهة سومرية أخرى ، إذْ تتضمن العديد من أساطيرها السيطرة على مجالات الآلهة الأخرى غيرها . ويُعتقَد أنها سرقت موضوعات تمثل الجوانب الإيجابية والسلبية للحضارة من (إنكي) الذي كان إله الحكمة . كما يُعتقد أيضاً أنها قد استولت على معبد (إينّا) من إله السماء (آن) وذلك إلى جانب شقيقها التوأم (أوتو) المعروف باسم (شمش) . حيث كانت (إينانا) هي المنفّذ الوحيد للعدالة الإلهية ودمّرت جبل (إيبي) بسبب تحدي سلطتها ، وأطلقت غضبها على البستاني (شوكاليتودا) بعد أن اغتصبها في نومها ، وتعقبت امرأة العصابات (بيلولو) وقتلتها في القصاص الإلهي لأنها قدقتلت (تموز) .
أما في النسخة الأكادية القياسية من (ملحمة جلجامش) تظهر (عشتار) وتطلب من (جلجامش) أن يصبح قرينها . وعندما رفض ، أطلقت العنان لثور السماء الذي قام بقتل كلٍّ من (أنكيدو) و(جلجامش) المحكم بموته .
أما أشهر الأساطير التي تتحدث عن الآلهة (إينانا) فهي قصة نزولها إلى (كور) والعودة إلى عالمها السومري السفلي ، وهي تحاول التغلب على مجال شقيقتها الكبرى (إريشكيجال) ، ملكة العالم السفلي ، لكنها تُعتبر مذنبة من قبل قضاة العالم السفلي السبعة الذين تم قتلهم . وبعد ثلاثة أيام ، ناشد (نينشوبور) مع جميع الآلهة إعادة (إينانا)، لكنهم جميعاً رفضوا له طلبه باستثناء (إنكي) الذي يرسل كائنين بلا جنس لإنقاذ (إينانا) ، حيث يرافقانها إلى خارج العالم السفلي ، لكن (غالا) حامي العالم السفلي ، يجرُّ زوجها (تموز) إلى العالم السفلي كبديل لها . وفي النهاية يحصل (تموز) على السماح له بالعودة إلى الجنة لنصف السنة بينما تبقى شقيقته (جشتينانا) في العالم السفلي للنصف الآخر من السنة وهو الأمر الذي يؤدي إلى دورة الفصول الأربعة وتغيّر مناخها .
عبد السومريون (إينانا) باعتبارها آلهة للخصب والحرب ، وذلك على عكس غيرها من الآلهة الأخرى الذين كانت أدوارهم ثابتة ونطاقاتهم محدودة . وتصف الأساطير التي تتحدث عن (إينانا) بأنها كانت تنتقل من احتلال إلى آخر وصوّرتها على أنها فتاة طائشة ومتهورة تسعى باستمرار للحصول على طاقة أكبر مما هو مخَصصٌ لها .
وعلى الرغم من أن السومريين كانوا يعبدونها كآلهة للحب إلا أنها لم تكن آلهة الزواج ولم تُعتبر أبداً كآلهة أم . ويُشير وصفها في أحد التراتيل التي تقول عنها :
“عندما يترك العبيد الأسراب حُرة ، وعندما تُعاد الماشية والأغنام إلى الحظيرة ، إذاً يا سيدتي ، كفقيرةٍ نكرة ، ترتدين لؤلؤة واحدة حول رقبتك ، ومع ذلك تستطيعين اختطاف أي رجل من الخمارة” . وفي أسطورة نزول (إينانا) إلى العالم السفلي ، فإنها تعامل زوجها بطريقة نَزْوِيّة للغاية . ويتم التأكيد على هذا الجانب من شخصية (إينانا) المتقلّبة في النسخة الآكادية القياسية من ملحمة (جلجامش) حيث يشير فيها (جلجامش) إلى معاملتها السيئة لزوجها (تموز) .
وكانت (إينانا) تُعبد أيضاً كواحدة من آلهة الحرب السومرية و تذكر إحدى تراتيلها :
“تثير التوتر والفوضى ضد أولئك الذين لا يخضعون لها ، وتُسارع في ارتكاب المجازر ، وتُحرّض على حدوث الفيضان المدمر” .
لأنها تعتبر تحريض الصراعات والمعارك دميةً تتسلى بها بلا كلل بينما تنتهي من لبس صندلها . وحتى أنه كان يُشار إلى المعركة أحياناً باسم (رقصة إينانا) .