نجاة .. قصة قصيرة بقلم الأديبة/ أسماء حميد عمور

نجاة .. قصة قصيرة بقلم الأديبة/ أسماء حميد عمور
( الجزء الثالث)
حاولت نجاة الخروج من الباب الموصد دون جدوى ، تغيرت ملامحها بشكل كبير ، لم تعتقد قط أنها تحت تهديد مانع ، سارعت نحو “راوية” فوجدتها على الأرض منبطحة غير واعية ، مستلقية على ظهرها المسكينة ، صرخت “نجاة” بصوت عال ، ” راااااوية ” لم تحرك الجدة ساكنا .
تشاهد من بعيد ما يدور حولها دون أي ردة فعل ، سارعت نجاة نحو أقرب مستوصف لإنقاذ بنيتها الصغيرة ، متصلة بزوجها ” الحاج ” الذي لم يتلق بتاتا أي إخبار من أحد ، فقدت نجاة صوابها وهي تتأمل الحدث بكل تفاصيله ، متأسفة على زواجها وهي في هذا السن …… خرج الطبيب مسرعا من غرفة الفحص متلعثما …..
راوية في ذمة الله سيدتي ، لقد كانت تعاني من تشوه خلقي على مستوى الدماغ .
صدمت نجاة دون أي تعقيب ملتفتة وراءها فوجدت الحاج يهرول نحوها ، ما الخطب ؟؟! أين راوية !!!
صرخت نجاة متعمدة ، رحلت دون عودة ، رحلت كطير مقيد ، رحلت بسبب زواج مبهم ، رحلت غاليتي ، رحلت ملاذي الأخير ، ٱااااه يا إلهي …
إتصل الحاج بوالدة ” نجاة ” والكل يصرخ …….
انهارت الأم وإنهار الجميع والنحيب وصل إلى الأعالي ، الكل تأثر …. راوية ماتت !!
بعد مرور شهرين من الوفاة ، انفصلت نجاة من ذاك الرجل الضخم ، الذي حاول تملكها بكل قواه ، فلم يستطع تحقيق مراده .
لملمت أغراضها محاولة الرجوع لبيتها القديم ، فكانت الكارثة .. عدم سماح والدتها بالرجوع ، تبعثرت حروفها وازدادت كٱبتها ، ولم تعد تقوى المشادات أو الصراعات بسبب التراكمات المتتالية ، نجاة ضحية الٱن ، وهي على أرصفة الشوارع تنتظر من يأخذ بيدها نحو النجاة ، نحو الخلاص نحو الأمان ، نحو الحياة .
وقفت سيارة سوداء في انبهار تام ، متأملة جمالها الأخاذ ، نزل رجل وسيم ببذلة بيضاء ، حاملا مبلغا كافيا كي تدبر بعضا من شؤونها ، هامسا في أذنيها هذا المبلغ من زوجك السابق ” الحاج” لقد كنت أراقبك سيدتي بأمر منه ، اعذريني فأنت الٱن في أمس الحاجة للمساعدة فلا تمتنعي عن ذلك .
ذهب بسيارته تاركا الغبار وراءه ، نجاة الٱن في حيرة تامة بعدما فقدت كل شيء . كرامة سقطت أرضا تحت واقع مرير .
إجهاض لحياة نجاة سببها :
كلام جارح ، معتقدات ، رضوخ للرأي الٱخر ، سب وقذف ، معاناة ، سلطوية البعض ، وما خفي كان أعظم .
ألم وندم ، قصة ليست للمشاهدة إنما للعبرة .