الدكرورى يكتب /عن إفراد الله بالعبادة والطاعة والمحبة

الدكرورى يكتب /عن إفراد الله بالعبادة والطاعة والمحبة

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد كان النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وقدوة صالحة للمسلمين في كل شيء، وكان منارة عالية وقمة سامقة وطودا شامخا في أخلاقه العظيمة، ولذا وصفه ربه أحسن توصيف فقال ” وإنك لعلي خلق عظيم” وكان حُسن خُلق النبي صلى الله عليه وسلم شاملا لكل شيء، للصغير والكبير، الذكر والأنثى، الحي والميت، المسلم والمشرك، مع الحيوان والجماد، فصلوات ربي وسلامه عليه. 

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم حسن الخلق مع ربه جل وعلا، معظم لربه، عارفا بمقامه العظيم، ولذا قضى قريبا من شطر زمن رسالته يدعو لتوحيد الله جل شأنه وإفراده بالعبادة والطاعة والمحبة، ولقد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن شهر رجب وأما عن حُكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج والاجتماع لها؟ فإن حادثة الإسراء والمعراج معروفة ومشهورة، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه، وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته، وأجمع على وقوعها العلماء، ومع هذا لم يرد الاحتفال بها والاجتماع لها لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا عن تلامذتهم من التابعين، ولا عن أحد من أهل القرون الأولى، ولا عن أحد من الأئمة الأوائل كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وغيرهم. 

 

بل هذا الاحتفال والاجتماع عند جميعهم متروك ومهجور ليس بمعمول به ولا معروف، ولا ريب أن هذا الترك للاحتفال والاجتماع من هؤلاء وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفي كل عاقل حريص على دينه في أن لا يكون من المحتفلين والمجتمعين، ولا من الداعين إلى هذا الاحتفال والاجتماع، ولا من المباركين به، ولا من الداعمين بمال وطعام وشراب ومكان لأهله، ويكفيه أيضا في إبطاله والإنكار على أهله، أو على من يسهل فعلهم، ويهون مِن شأنه، إذ لو كان هذا الاحتفال والاجتماع من الخير والهدى، والرشد والصلاح، وزيادة الدين وقوته، لما تركه أشد الناس تعظيما وانقيادا لله ورسوله وشرعه، ألا وهم أهل القرون الثلاثة الأولى الذين صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأنهم ” خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” 

 

ومن لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة الإسلام الماضين من الترك لهذا الاحتفال والاجتماع وغيره من البِدع في شهر رجب فلا يضرّ إلا نفسه، وقال الشيخ علي بن إبراهيم العطار المتوفى سنة سبعمائة وأربعة وعشرين من الهجرة، ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفا اعتياد كثرة الإعتمار في رجب وهذا مما لا أعلم له أصلا بل ثبت في حديث أن الرسول صلى الله عليه قال “عمرة في رمضان تعدل حجة” وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه “أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لا ينبغي، إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلآ ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى