يومٌ أسطوريّ … بقلم الكاتبة/ غرام علي

يومٌ أسطوريّ … بقلم الكاتبة/ غرام علي

 

في اليومِ السّادس عشر من شهرِ آذار عام ألفينِ و واحدِ وعشرين في حِفظِ السَّماء تختبئُ أحلامنا وترتوي من مطرِ السّحاب تنتظرُ يوماً محدّداًً لكنّه مجهولٌ بالنسبةِ لنا يخبئُ الكثيرَ ليبهجَ قلوبنا ينتظرُ ميلادهُ لنكن والديهِ ليكن معادلة كلٍّ منّا يستطيعُ قراءةَ رموزِ معادلتهِ فقط..

مشيتُ في ذلكَ اليومِ بينَ الزّحام وأنا أحملُ معطفي الشّتوي وشعري مصفّف بطريقةٍ فوضويّة ملفتةٍ بشكلٍ طفوليّ، أحملُ بينَ يديَّ كتاباً لا أكادُ أزيحُ النّظر عنهُ..

أكادُ أقسمُ بأنّني كنتُ أعيش سطورهُ،ومع نهايةِ قراءةِ كلِّ سطرٍ أتنهّد تلكَ التّنهيدة الّتي تغزلُ لحنَ ضحكتي ومدى رِضايَ عن نفسي..

أولَ مرةٍ للوهلةِ الأولى أقرأُ كتاب،و أعشقُ بتلكَ الطريقةِ الّتي أسميتُها مؤخّّرًا ب الإدمان تشبهُ إلى حدٍّ كبيرٍ الإدمان على السّجائر ورائحتِها فلقدْ كبّلت روحي رائحةُ الكتبِ الّتي تنسجمُ مع بعضِها على الرّفوف القديمةِ، عانقتُ كتابي بعينيَّ مرةً أخرى وشددتُ وثاقهُ خوفاً من تشتّت ذهني أو فواتِ سطرٍ من سطورهِ كنتُ أجلسُ على أحدِ مقاعدِ انتظارِ الحافلاتِ في ذلكَ الحينِ لم أشعرْ بالوقت،ِ ولم أشعرْ بأنّه قد فاتتني أربع حافلاتٍ إلّا بعدما حلّ سوادُ اللّيل ليقولَ الأسودُ يليقُ بكِ وأنتِ ممسكةٌ بذلك الكتابِ.. مشهدكِ هذا وبيديكِ الكتاب حقاً يجعلُ كلّ من يراكِ يغرمُ بكِ..

عدتُ سيراً على الأقدامِ إلى منزلي وتحديداً إلى غرفتي الّتي كنتُ ألقّبها بالغرفةِ الملكيّة، عندما أدخلُ إليها واستنشقُ رائحةَ الكتبِ الّتي تعانقُ بَعضها على تلكَ الرفوفِ أشعرُ وكأنّني بداخلِ روايةٍ وأنّني بطلةُ هذة الروايةْ..تملّكني إحساسُ الإطمئنانِ والإعجابِ فأنا أنثى عاشقةٌ لتلكَ المخلوقاتِ..!

نعم..ألقّبها بالمخلوقاتِ فهي ترويني برحيقِ الطّمأنينة، تروي ما بداخلي ما أعجزُ عن البوح بهِ،وضعتُها في ذلكَ الحين في خانةِ إنجازاتي..

في ذلكَ التّاريخ أحسستُ أنّ حجمَ الدّفء الّذي يفيضُ من الكتبِ هائلٌ جداً، كانَ يُشعرني وكأنّ خيوطَ الشّمس تلامسُ وجنتيّ..

الذّكريات الجميلة لا تحتاج لأشخاصٍ ليعيشوهَا برفقتنا دائماً، وإنّما نحتاجْ إلى شيءٍ آخر.. شيءٍ ترى فيهِ اختلافاً في كلّ مرة يسافرُ بك بعيداً على جناحيّ الصّفحاتِ وفي أحضانِ الكلماتِ،

لقد لقّبت هذا التّاريخ بالتّاريخ الأسطوري الّذي يحكي عن بدايةِ لَمسي للفن ،لقد وجدت فيه مخرجاً لعالمٍ ورديٍّ لا تعيش فيه مخلوقات بشريّة وإنما أرواحٌ نابضة لكتبٍ و قصائد..روايات..والكثير من الإقتباسات..

ولقد ترك هذا اليوم بصمةً جعلت أنامِلي تكتبُ أجمل الكلمات الّتي خطّت بعبير النّرجس الفوّاح، وجعلتها تنسجُ هالةً من الإبداع على صفحاتٍ بيضاء..

إنّه عالمٌ مبهرٌ ينقذُ فتات أرواحنا من الضّياع ويبقي لدينا شيئاً من الرّقةمنذُ ذلك الحينِ والكتب هي ملجَأي الوحيد وأصدقائي المقرّبين..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى