و أنا اخترتك … بقلم الداعية/ عواطف الجندي

و أنا اخترتك … بقلم الداعية/ عواطف الجندي 

 

كان أعظمُ ما قيل لي من طفلٍ صغير عُمرهُ تسع سنوات ، كُنت أجلس معهُ هو وبعض الأطفال لأُراجع معهم ما حفظوا في القُرآن قبل الذِهاب إلى المُسابقة

 

كان صغير السن ورغم هذا كان يحفظ القُرآن الكريم كاملًا ، أردت أن أكون حازِمة بعض الشيء لأنهم كانوا يلهون معًا فقُلت لهم من سيبدأ في الترتيل !

فقال هو : أنا 

فقُلت له إذًا ومن أين ستبدأ!

كُنت أنتظر منه أن يبدأ التلاوة من سورة البقرة أو الناس ، ففاجئني بقولهِ سأبدأ من أحب السور إلى قلبي لأن بها أحب آية إليّ ثُم إبتسم وأمسك بالمُصحف وضغط عليه قليلًا ورتّل سورة طه 

وعندما قال : وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى 

صمتَ لعِدة ثواني وأغمض عينيهِ وابتسم ثُم أكمل التلاوة ، تعجبتُ كثيرًا منهُ فـ انتظرت منهُ أن ينتهي من السورة حتىٰ لا أُقاطعهُ.ثُم قُلت له حَسْبُك يا زيد.

فقال لي : وحَسبي حقًا أنه اختارني.

لم أفهم كلامه فسألت بتعجب ماذا تقصد!

فـ إعتدل في جلستهِ ووضع المُصحف على الحامل ، 

وأمسك بكوب ماء وقالي لي اِروي الظَمَّأَ، 

أنا اخترتُك من بين كُل هؤلاء لتروي ظمأك.

فشربتُ قليلًا من الماء ثُم وضعت الكوب وقُلت له أنا لا أفهم شيء. فقال لي:أُحبُ هذهِ الآية كثيرًا ،

 فلقد قالها لي أبي في أول مرة بدأت فيها في حِفظ القُرآن ، قال لي أن الله اختارني من بين كُل البشر ، وجعلني ألمسُ كَلامه ليُطّهر يدي ، وأحفظُ حديثهُ ليُنقي لساني، وأنصتُ إلى آياته فيُصبحُ هو سمعي الذي أسمعُ بهِ فلن أستمع إلى ما يبغضهُ،

 

 وأرىٰ حروفهُ فيُشفى ماء عيني بكلامه،اختارني أنا خصيصًا لتحفظ الملائكة صوتي ، ويستمع إلى تلاوتي ، ويُحبُ خفقاتي.قال أبي أنه يختارنا ويبتلينا ليُعظّم أجرنا ، ويختارنا ولا يُحقق دُعائنا لشرًا ما ليُثڨّل صحيفتنا ، ويختارنا ويُضيّق علينا الدُنيا ويجعلها عكس ما نتمنىٰ ليُخبرنا أنها فانية ، يفعل هذا حتىٰ لا نتعلق بها.

ثم همهم وإبتسم وقال :اللّٰه اختارني الآن لـ أبدأ بالتلاوة ، واختارني سابقًا لأتعثر في الحِفظ فـ أُكثرُ من الجلوس مع القُرآن فأأخُذ أجرين ويُضاعف منزلتي 

 سيختارني يوم القيامةِ من بين ملايين البشر لأُرتل أيضًا ، وسيختارني ويتوّجني.وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيّْ ويُنير قبري بالشيء الذي تعثرتُ فيهِ في دُنياي، 

ثُم أقف يوم القيامة ويختارني من بين كُل الخَلق لأنظُر إليه ، فأراهُ بدون حجاب.وكما رويت أنا ظمأكِ الآن ، سيختارني ويروي اشتياقي يوم القيامة للجنَّة

 

ثُم ابتسم إبتسامة كاد قلبي أن يخرج من بين أضلعي من جمالها وقال : وأنا اخترتهُ لأنّني أُحبه،واختارني لإنهُ يُحبُني.

اللهم بفضلك ورحمتك اختارنا كما اخترته 

صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى