سجية في نفوس المؤمنين .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

سجية في نفوس المؤمنين .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

 

الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين المستوجب لصفات المدح والكمال والمستحق للحمد على كل حال، لا يحصي أحد ثناء عليه بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه بأكمل الثناء وأحسن المقال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى به الناس من الضلال، ووضع عنهم الآصار والأغلال، فصلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ثم أما بعد، روي عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار” 

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه” فقال عمر والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إلي من نفسي التي بين جنبي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” الآن يا عمر” رواه البخاري، وقد بلغت محبة المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغا عجيبا يضرب به الأمثال حتى تعجب منه عروة بن مسعود في صلح الحديبية فعن عروة بن مسعود رضي الله عنه قال عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده” وهذه المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قد أصبحت سجية في نفوس المؤمنين لا يتكلفونها ولا يتطلبونها بكلفة، بل كانت محبته صلى الله عليه وسلم تملأ عليهم نفوسهم وقلوبهم وبلغ بهم المحبة كما قال إسحاق التجيبي كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا وكذلك كثير من التابعين منهم من كان يفعل ذلك محبة له وشوقا إليه ومنهم من كان يفعله تهيبا وتوقيرا، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفته صلى الله عليه وسلم “من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه ” وذكر عن بعض الصحابة أنه كان لا يصرف بصره عنه محبة فيه” ولا تظن أن هذه المحبة في صحابته فقط، بل هي في قلب كل مؤمن إلى يوم القيامة، فهي من لوازم الإيمان، ومن دأب أهل الإسلام، فمن ذلك ما روي عن مالك. 

وقد سُئل عن أيوب السختياني ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه، قال وحج حجتين فكنت أرمقه ولا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه، وقال مصعب بن عبد الله كان مالك إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه، فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون؟ ولقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القرّاء، لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة. 

 

ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال إما مصليا وإما صامتا وإما يقرأ القرآن ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله عز وجل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى