الدكروري يكتب / عن المنهج الحق في التعامل

الدكروري يكتب / عن المنهج الحق في التعامل
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد إن منهج رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحياة الزوجية هو المنهج الحق في التعامل مع المشكلات الزوجية، فما يظنه بعض الأزواج في وقتنا الحاضر، أو ما يطمعون إليه من رغبة في رؤية الكمال الأخلاقي والسلوكي متمثلا في زوجاتهم مما يعد من الأمور المستحيلة، فالكمال لله عز وجل، لذا لا عجب أن نجدهم يعانون النكد والضيق في العيش لأنهم لم يتصوروا هذه الحقيقة، وهذا ما يحرمهم من الإستمتاع بزوجاتهم، هذا إن لم يصل بهم الأمر إلى الطلاق بالفعل.
فالمنهج في هذا واضح من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها” وأورد ابن حجر رواية أخرى تحث الأزواج على المداراة، وهي المجاملة والملاينة، واللفظ قوله صلى الله عليه وسلم “فدارها تعش بها” فالحديث واضح الدلالة أن الإستمتاع بها لن يكون إلا على عوج، بل يمكن الأخذ من الحديث عدم إستنكار إعوجاج المرأة، وينبغي عدم صرف الهم إلى التقويم الكامل لأنه لن يكون، ولكن التسديد والمقاربة، مع التغاضي عن كثير مما يكون من الزوجات جراء هذا الإعوجاج.
الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن مما تحسن ملاحظته في هذا الحديث النبوي الجامع لأصل كبير من أصول إستقرار الحياة الزوجية، هو توضيح واقع الزوجة التعاملي مع الزوج، وحدود الإصلاح المطلوب من الزوج، وهو كما قال ابن حجر عند شرح الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم ” رمز إلى التقويم برفق، بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه، فيؤخذ منه أن لا يتركها على الإعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو ترك الواجب، وإنما المراد أن يتركها على إعوجاجها في الأمور المباحة، وفي الحديث الندب إلى المداراة لإستمالة النفوس وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن فإنه الإنتفاع بهن.
مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال الإستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها” لقد مثَّل النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في حياته المليئة بالإلتزامات أفضل زوج في التاريخ، فلم تمنعه كثرة أعماله ومشاغله من إعطاء أزواجه حقوقهن الواجبة عليه، مع أنه كان قائدا للدولة، ومبلغا للرسالة وقائدا للجيش، ومعلما للناس إلا أن هذه الأعمال كلها لم تحل بينه وبين أزواجه كما هو حال كثير من المسلمين اليوم يضيع حقوق زوجه بحجة الأعمال الكثيرة والالتزامات العديدة، ويا ليت أن الأمر يتوقف عند هذا بل إن بعض الأزواج يعتدي على زوجه بالشتم والسب والضرب، وهؤلاء الأزواج قد خالفوا سنة نبيهم في هديه مع أزواجه، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده الشريفة الطاهرة أحدا.