الدكرورى يكتب/ تطهير القلوب من شرك النسك

الدكرورى يكتب/ تطهير القلوب من شرك النسك

 

 

الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير وسبحانه وتعالي أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد إن في قضية النسك يقوم فقهاء التربية الإسلامية بتطهير قلوب الأمة من شرك النسك، ومن صرف أنواع العبادة إلى الشيوخ والأضرحة والمقبورين وغيرها من الأوثان التي تحيطها الحكومات والأنظمة العلمانية بهالات من التقديس المصطنع لتلبس على العامة أمر دينها، وتدفعها إلى دعائها والإستغاثة بها والنذر والذبح لها والطواف حولها، وغير ذلك من العبادة التي لا تصرف إلا لله سبحانه وتعالى.

وبالجملة فإن فقهاء التربية الإسلامية يقومون بتربية المسلم على أن يحيا بالعقيدة، ويعيش لها ويجاهد من أجلها، ويضحى في سبيل ذلك بماله ونفسه، ويؤثر حب الله عز وجل على كل حب، ولا تتسرب إليه صور الشرك الخفية من الشرك بالأرض، والشرك بالجنس، والشرك بالقوم والشرك بالنسب، والشرك بالمنافع الصغيرة القريبة، وأما في مجال القيم فإن فقهاء التربية الإسلامية يؤكدون على أن إنهيار الأمم إنما يكون بإفلاسها في عالم القيم لأن هذه القيم تؤثر في مجمل جوانب الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية للأمة، وفي ظلالها تترقى الحياة الإنسانية ترقيا صحيحا وتنمو نموا سليما، ولذلك فلا بد من تربية أفراد الأمة على القيم الإسلامية من الحرية وحب العمل ونصرة الحق وغيرها.

ولا بد أن تتمركز الحرية في قلب نظام القيم في الأمة، لأن غياب الحرية في حقيقته هو غياب التوحيد، وحقيقة التوحيد أن لا يخشى الإنسان الموحد إلا الله عز وجل ولذلك فسر الإمام الطبري قوله تعالى ” لا يشركون بي شيئا ” بأن معنى لا يشركون بي شيئا هو أنهم لا يخافون غيري من جبابرة السلاطين والأشخاص، ومن القيم التي يجب على التربية الإسلامية إحيائها في الأمة، هو قيمة العمل، ذلك أن العمل من أهم القيم التي تخط مصير الأمم في الإطار الحضاري، فإذا تلقت الأمة دروس العمل قبضت على عصا التاريخ وهذا يضع على التربية الإسلامية مسؤولية أن تجتهد في تنمية حب العمل، وجعله من محاور القيم في الأمة ولا بد للتربية الإسلامية أن تنفر من العجز والكسل وتزكي القيم من المفاهيم الخاطئة للزهد. 

التي عززت الرضى بالفقر، وجعلته من سمات الصلاح والصالحين، فالمؤمنون مدعوون في القرآن للسعي في مناكب الأرض لجمع المال، فإذا جمعوه بالأساليب المشروعة الكريمة، زهدوا به، فأنفقوه وانتفعوا به، ونفعوا غيرهم بالأساليب المشروعة، التي تحفظ الكرامات، ولا توقع تحت ضغوط الفاقة والحاجة، فهذا هو مفهوم الزهد الذي وجه إليه صلى الله عليه وسلم حين علم أصحابه أن الزهد ليس بإضاعة المال، وتحريم الحلال، وإنما الزهد أن يكون المؤمن أوثق بما في يد الله تعالي مما في يده فيعتدل في جمعه، ويسهل عليه لإنفاقه، ولذلك كانت قيمة العمل واضحة تماما للجيل الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عينه، الذين كانوا يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويعدون في الوقت ذاته الكدح. 

وهو العمل في واقع الحياة وهو العبادة الدائمة التي يقوم بها المسلم، والتي يتزود من أجل القيام بها بذلك الزاد الروحي العميق الذي تمنحه إياه الشعائر التعبدية، حين يقوم بها على صورتها الحقة من الخلوص إلى الله تعالي، والتجرد إليه، والخشوع والخشية والإخبات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى