الدكروري يكتب /عن صفة صلاة التوبة

الدكروري يكتب /عن صفة صلاة التوبة

 

الحمد لله بلطفه تنكشف الشدائد وبصدق التوكل عليه يندفع كيد كل كائد، ويتقى شر كل حاسد، أحمده سبحانه وأشكره على جميع العوائد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل شيء آية تدل على أنه الأحد الواحد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحق، وأقام الحجة على كل معاند صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه السادة الأماجد والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد إن من رحمة الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة أن فتح لها باب التوبة فلا تنقطع حتى تبلغ الروح الحلقوم أو تطلع الشمس من مغربها، ومن رحمته تعالى بهذه الأمة كذلك أن شرع لهم عبادة من أفضل العبادات يتوسل بها العبد المذنب إلى ربه رجاء قبول توبته وهي صلاة التوبة. 

وأما عن مشروعية صلاة التوبة، فقد أجمع أهل العلم على مشروعية صلاة التوبة، وأما عن سبب صلاة التوبة ؟ فهو وقوع المسلم في معصية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، فيجب عليه أن يتوب منها فورا، ويندب له أن يصلي هاتين الركعتين، فيعمل عند توبته عملا صالحا من أجل القربات وأفضلها وهو هذه الصلاة فيتوسل بها إلى الله تعالى رجاء أن تقبل توبته وأن يغفر ذنبه، وأما عن وقت صلاة التوبة؟ فإنه يستحب أداء هذه الصلاة عند عزم المسلم على التوبة من الذنب الذي اقترفه سواء كانت هذه التوبة بعد فعله للمعصية مباشرة أو متأخرة عنه فالواجب على المذنب المبادرة إلى التوبة لكن إن سوّف وأخّرها قبلت لأن التوبة تقبل ما لم يحدث أحد الموانع عند الإنسان ومن هذه الموانع هو إذا بلغت الروح الحلقوم. 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر” وكذلك إذا طلعت الشمس من مغربها حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم ” من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ” رواه مسلم، وهذه الصلاة تشرع في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي مثل بعد صلاة العصر لأنها من الصلوات التي لها سبب فتشرع عند وجود سببها، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الإستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب. 

وأما عن صفة صلاة التوبة؟ فإن صلاة التوبة ركعتان، كما جاء في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث روي ألإمام ابو داود عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ” ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية ” والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون” ويشرع للتائب أن يصليها منفردا، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة ويندب له بعدها أن يستغفر الله تعالى، لحديث أبي بكر رضي الله عنه، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستحب تخصيص هاتين الركعتين بقراءة معينة، فيقرأ المصلي فيهما ما شاء. 

ويستحب للتائب مع هذه الصلاة أن يجتهد في عمل الصالحات ، لقول الله تعالى ” وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدي” ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يفعلها التائب هو الصدقة، فإن الصدقة من أعظم الأسباب التي تكفر الذنب وثبت عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال لما تاب الله عليه يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله “أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك” قال فإني أمسك سهمي الذي بخيبر” متفق عليه، والخلاصة وهو ثبوت هذه الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها تشرع عند توبة المسلم من أي ذنب، سواء كان من الكبائر أم من الصغائر، وسواء كانت هذه التوبة بعد اقتراف المعصية مباشرة، أم بعد مضي زمن.

وأن هذه الصلاة تؤدى في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات النهي، وأنه يستحب للتائب مع هذه الصلاة فعل بعض القربات، كالصدقة وغيرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى