الدكروري يكتب / عن وقفات ثلاثة في شعبان

الدكروري يكتب / عن وقفات ثلاثة في شعبان
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن شهر شعبان، وإن لنا مع شهر شعبان ثلاث وقفات، فالوقفة الأولى وهى مع فضيلة شهر شعبان الكريم، فشهر شعبان شهر فضيل، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يصوم أكثره، ولا يترك من صيام أيامه إلا القليل، والنبي صلى الله عليه وسلم أسوتنا.
فلما خص النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهر بمزيد من العبادة لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن لهذا الشهر مكانه خاصه، وهي أنه شهر عاده ما يغفل عنه الناس بين رجب الحرام ورمضان شهر الصيام، وأنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، والاجتهاد في العبادة في شعبان بمثابة التوطئة للدخول في رمضان والاستعداد لشهر الفريضة، فصوم شعبان مفضل، مرغوب فيه، مضاعف أجره، فقال ابن رجب رحمه الله، وإن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام، بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة.
فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعُد عنه، وأما عن الوقفة الثانية وهى أن شهر شعبان هو شهر السقى، وهذه مقولة هامة، وهي لأحد سلفنا الصالح وهو أبو بكر البلخي رحمه الله حيث قال رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع، فكيف لمن لم يزرع، ولم يسقي زرعه، أن يحصد، وأن ينتج، وهل هو كمن زرع وسقى وانشغل واهتم، فلا يستوي هذا وذاك، ولا يستوى من جاهد نفسه وعلت همته وقويت إرادته، ومن بلغت به الدنيا مبلغ التيه والضياع، فقال الله عز وجل فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة العنكبوت ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” فمن بذل وسعه في الحصول على الخير واغتنام الوقت يسر الله له الأجر، ومن أراد طاعة الله وفقه الله لذلك.
ومعنى قوله تعالى ” والذين جاهدوا فينا” أى اجتهد في الوصول إلى الحق، يسر الله له الحق، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الليل ” فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنبسره لليسرى” فالعجل العجل قبل فوات الأجل، فأين هي النية الصالحة؟ وأين هو وردك في القرآن؟ وأين هي العزيمة والإصرار على المنافسة؟ فقد جعل الله الحياة ميدان سباق، فمن حاز قصب السبق حاز رضوان الله، ومن حاز رضوان الله فقد فاز بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، نعم فإنه سباق شريف نزيه، غايته نبيلة، ومراده طيب، وهو رضوان الله تبارك وتعالى، وأما عن الوقفة الثالثة فهى حاجتنا إلى التطهير، وأعني بالتطهير وهى التوبة النصوح، فهي هدية من الله عز وجل إلينا أن نتوب فيمح الله عنا ما مضى، يغفر الزلات ويقيل العثرات، ويضاعف الأجور والحسنات.