أسباب الغيبة والنميمة … يكتبها :محمـــد الدكـــرورى

أسباب الغيبة والنميمة … يكتبها :محمـــد الدكـــرورى
الحمد لله ثم الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، نحمده سبحانه أحاط بكل شيء خبرا، ونحمده بأن جعل لكل شيء قدرا، وأسبغ علينا وعلى العالمين من حفظـه سترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين كافة عذرا ونذر، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد، لقد حذرنا الله عز وجل من الكذب ومن خطورة الكذب، ولكن كيف يكذب من يعلم أن الله يسمع كلامه؟ وكيف يشهد الزور من يعلم أن الله عز وجل يسمع شهادته في الدنيا، وسيحاسبه عليها في الآخرة؟ وكيف سيغتاب؟ وكيف سيقع في النميمة من يعرف ويعلم عظمة الله عز وجل؟
لذلك كان أصحاب النبى الكريم صلى الله عليه وسلم يخافون من الله، ويعرفون قدرته، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سنى، وانقطع ولدى، ظاهر منى، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات من سورة المجادلة ” قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله” رواه ابن ماجة، والنسائي، وأحمد، فما أعظم سمع الله تعالى لكل شيء، فما تكون وحدك إلا والله يسمع كلامك، ويرى مكانك، ويعلم بحالك، وإن من أسباب الغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور أيضا هو سوء التربية أو ضعفها.
فالأب، والأم، قد يربون أبناءهم من الصغر على الكلام البذيء والكذب والغيبة، بل قد يربيه أبوه على أن الكذب شطارة، وأنه سياسة وفحولة وذكاء، وبعضهم يقول له إذا أرت أن تأخذ حقك افعل أى شيء، اكذب اشهد زورا قل أى شيء كن رجلا، وقد يسمع الطفل الصغير أباه يكذب، أو أمه، أو أستاذه، أو صديقه، والتلفزيون يربيه على الكذب، والبائع، فكيف سيكون هذا الطفل صادقا؟ هل ستنبت الأرض لنا صادقين؟ إذا لم يكن الأب صادقا، والأم صادقة، فمن أين سيخرج لنا صادقون؟ فانظر إلى الكلمة التي قالها أبو ذر الغفارى لبلال، وكلاهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بلال مؤذن النبى عليه الصلاة والسلام، أسود البشرة وأمه سوداء، هكذا خلقهم الله، قال أبو ذر لبلال “يا ابن السوداء” فذهب بلال إلى النبى صلى الله عليه وسلم يشكو أبا ذر.
فقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر “إنك امرؤ فيك جاهلية” رواه البخاري ومسلم، فكم فينا من الجاهلية؟ فنحن ركبت الجاهلية من رؤوسنا إلى أقدامنا، فإذا كان أبو ذر فيه جاهلية لأنه قال يا ابن السوداء، فكم فينا من جاهلية، وكم نعيش من جاهليات؟ فانظر إلى خطورة اللسان، فقالت السيدة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا وتعنى أنها قصيرة، فقال “لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته” رواه أبو داود، وأحمد، أى بمعنى دنسته وأفسدته، ولقد أذهب كلام الفاسقين من مغنين وأفاكين، وغيرهم الحياء، فلوثوا الفطر، ودنسوا الكلمات الطيبات، حتى منع القطر من السماء، ومنعت خيرات الأرض ومنع الزرع ثمرته ولولا البهائم والدواب لما أمطرنا، وأصبنا بالذلة والمهانة، أتعرفون لماذا؟ لقول الحق سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس”