سفير بكين في القاهرة: سنواصل الجهود الملموسة لتعزيز زخم الانتعاش الاقتصادي وتقاسم الفرص الواعدة مع مصر

أكد السفير الصيني، لياو ليتشيانج، خلال مؤتمر أمس الأحد، الذي حرصت فيه السفارة الصينية بالقاهرة على إطلاع الصحفيين بالسياسة الخارجية للصين، أن بلاده تحرص على تعزيز التعاون العملي بين بكين والقاهرة، خاصة وأن العام الجاري يصادف الذكرى العاشرة لإقامة شراكة استراتيجية شاملة بين الصين ومصر .
وقال سفير الصين لدى مصر، حول فرص النمو لبلاده، إن الاقتصاد الصيني صمد في العام الماضي 2023 أمام الضغوطات الخارجية، وحقق انتعاشا مستمرا وتقدما ثابتا للتنمية عالية الجودة، وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 126 تريليون يوان، بزيادة 5.2%، لتحتل المرتبة المتقدمة بين الاقتصادات الرئيسية في العالم.
وأضاف لياو ليتشيانج، أن هدف 5% للنمو الاقتصادي المطروح من تقرير عمل الحكومة لعام 2024 ليس فقط أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي السابقة، بل أعلى بكثير من توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الولايات المتحدة وأوروبا، الأمر الذي يبعث إشارة إيجابية للتنمية.
واستشهد السفير بتوقعات مندوب صندوق النقد الدولي في الصين، بأن يساهم الاقتصاد الصيني بثُلث النمو الاقتصادي العالمي في عام 2024 ، وكذلك توقعات وحدة الاستخبارات الإكونوميست البريطانية بأن الأساسيات لاقتصاد الصين ستكون أكثر متانة في عام 2024، فيما يعتقد المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الصين لديها صادرات قوية لبطاريات السيارات الكهربائية والمنتجات الإلكترونية والمعادن، وتمتلك صناعات ذات تنافسية دولية قوية، إضافة إلى توقعات الكثير من وسائل الإعلام الدولية أن الصين تمتلك اقتصادا هائلا، وصناعات ناضجة، وطبقة الوسطى الواسعة، وأنها سوق لا غنى عنها للمستثمرين الأجانب.
وكشف السفير الصيني خلال المؤتمر عن سياسة الصين الخارجية بالنسبة للعام الجديد، موضحًا أنها ستنفذ مفهوم التنمية الجديد على نحو شامل، وتسرّع بناء معادلة النمو الجديدة، وتدفع التنمية عالية الجودة، وتوظف مزاياها المتمثلة في قدرة الابتكار القوية، والسوق الواسعة، والبنية التحتية المكتملة، والسلسلة الصناعية المتكاملة، والموارد البشرية الوافرة وعالية الجودة، وتوسع الانفتاح عالي المستوى، وتسهّل الوصول إلى الأسواق، وتهيئ بيئة الأعمال التي تعمل بقواعد السوق، والقوانين، والمعايير الدولية، وتشارك العالم الفرص الجديدة الناجمة عن التحديث الصيني النمط، مؤكدًا أن الصين ستستمر في أن تكون محركا مهما لنمو اقتصاد العالم، وتضخ عوامل اليقين والطاقة الإيجابية في الاقتصاد العالمي غير المستقر.
وحول فرص الابتكار أشار لياو ليتشيانج ، إلى أن تقرير عمل الحكومة لعام 2024 ” وضع العمل على بناء المنظومة الصناعية الحديثة، وتسريع الوتيرة لتنمية القوة الإنتاجية النوعية، كالمهمة الأولى للأعمال العشرة لهذا العام، لافتًا إلى إنجازات الصين في مجال الابتكار العلمي، مثل رحلات الفضاء المأهولة، والمعلومات الكمية، والتقنيات الكهرونووية، وصناعة الطائرات الكبيرة، وأنها قطعت أشواطا بعيدة لتصبح دولة مبتكرة، حيث تتصدر العالم من حيث عدد طلبات براءة الاختراع، وتحتل الصين المرتبة الأولى عالميا للمرة الأولى من حيث عدد تجمعات الابتكار العلمي، ويحتل حجم صناعة التصنيع المرتبة الأولى في العالم لـ14 سنة متتالية.
وحول الفرص الخضراء، قال السفير الصيني إن بلاده عملت في السنوات الأخيرة على تسريع التحول الأخضر لنموذجها التنموي، وتدعيم الوصول إلى ذروة الحياد الكربوني، بما يرسي أساسا متينا لتنميتها الخضراء والمستدامة، ويقدم دعما مهما للتنمية العالمية الخضراء، والمنخفضة الكربون.
وأكد لياو ليتشيانج، أن الصين تعمل على توسيع صادراتها من منتجات الطاقة الجديدة، وزيادة الاستثمار المباشر في الطاقة المتجددة في مصر وبلدان أخرى، مما يساعد بشكل مباشر في تحول الطاقة الخضراء والمنخفضة الكربون في هذه البلدان.
وحول فرص التعاون، قال سفير الصين في مصر، لا نمو للصين بدون العالم، كما أن نمو العالم بحاجة إلى الصين أيضا، التي أصبحت شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، لافتًا إلى أن الصين في أكتوبر الماضي أعلنت أنها سترفع جميع القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في قطاع التصنيع، وتواصل توفير فرص للمستثمرين العالميين في الصناعة التحويلية الصينية، وفي يناير الماضي، تم إنشاء 4588 شركة جديدة باستثمارات أجنبية في الصين، بزيادة 74.4% على أساس سنوي.
أما عن التعاون العملي بين بكين والقاهرة، قال السفير الصيني إنه تعمق في العام الماضي، وسط توسع انفتاح الصين على الخارج، لافتًا في ذلك إلى حضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، منتدى التعاون الدولي الثالث لـ”الحزام والطريق” في الصين، حيث وقعت الصين ومصر على مذكرة تفاهم في مجال مبادلة الديون من أجل تنفيذ مشروعات تنموية، وأصدرت مصر، كأول دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا، سندات “الباندا” الدولية المستدامة بسوق المال الصينية، بقيمة 3.5 مليار يوان، كما تم إطلاق القمر الصناعي المصري 2 بنجاح في الصين مؤكدًا أن التعاون الصيني المصري له مجالات أوسع وجودة أعلى”.
وأضاف السفير أن هذا العام يصادف الذكرى الـ75 لتأسيس الصين الجديدة، والذكرى العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، مؤكدًا :” سنواصل الجهود الملموسة لتحقيق التحسين النوعي الفعال، والنمو الكمي المعقول للاقتصاد، وتعزيز زخم الانتعاش الاقتصادي، وتقاسم الفرص الناجمة عن التحديث الصيني النمط مع مصر، وغيرها من البلدان، بما يجلب العناصر المؤكدة، والطاقة الإيجابية للاقتصاد العالمي المليء بعدم اليقين”.
وحول دبلوماسية الصين أكد السفير لياو ليتشيانج، أن بناء مجتمع مشترك مستقبل للبشرية هو الهدف النبيل الذي تسعى إليه دبلوماسية الدولة الكبرى ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، وأنه في ظل الاضطرابات الدولية، تبقى الصين دائما قوة للسلام، والاستقرار، والتقدم، كما أكد “ليتشيانج التزام الصين دائما بالثقة الذاتية، والاعتماد على الذات، والقيام بمسؤولياتها كدولة كبيرة مسؤولة.
وقال السفير الصيني إن استشرافنا لعام 2024، سيكون عاما مهما لتنفيذ “الخطة الخماسية الرابعة عشرة”، وسنستقبل في هذا العام الذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الصين الجديدة، والذكرى العاشرة لإقامة شراكة استراتيجية شاملة بين الصين ومصر، والذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي.
وعلى ضوء ذلك، يكتسب العام الجاري، بحسب السفير الصيني، أهمية كبيرة بالنسبة للتنمية في الصين، وللعلاقات الصينية المصرية، وترغب الصين في العمل مع مصر لتعزيز التبادل رفيع المستوى، وتعميق التواصل والتعاون، والدفع بالتقدم الجديد في الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، بما يمكّن الشعبين من الحصول على المزيد من الفوائد من التعاون العملي الثنائي، ويخلق – بحسب تعبيره – عصرا جديدا جميلا للعلاقات الصينية المصرية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته سفارة الصين بالقاهرة اليوم، حول الدورتين السنويتين “دورة مجلس نواب الشعب ودورة المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني” لعام ٢٠٢٤، وحرص السفير الصيني خلال المؤتمر على إطلاع الصحفيين على النظام الصيني، وسياسة الصين الخارجية، وخطة الصين حول مفهوم الديمقراطية الشعبية، واستكشاف فرص التعاون مع الصين من خلال هاتين الدورتين، حيث تأمل الصين ضخ المزيد من عوامل الاستقرار للعالم .