الإقامة والملازمة للسير على الصراط … بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

الإقامة والملازمة للسير على الصراط … بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري
الحمد لله له الحمد في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى بإذن ربه القلوب الحائرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نجوم الدجى والبدور السافرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد روي عن بعض السلف أنه كان بواسط فجهز سفينة حنطة إلى البصرة وكتب إلى وكيله مع هذا الطعام في يوم تدخل البصرة فلا تؤخره إلى غد، قال فوافق السعر فيه سعة، قال له التجار إن أخرته جمعة ربحت فيه أضعافا فأخره جمعة فربح فيه أمثاله، وكتب إلى صاحبه بذلك فكتب إليه صاحب الطعام يا هذا قد كنا قنعنا أن نربح الثلث مع سلامة ديننا وإنك قد خالفت أمرنا وقد جنيت علينا جناية.
فإذا أتاك كتابي فخذ المال كله فتصدّق به على فقراء أهل البصرة وليتني أنجو من الاحتكار كفافا لا عليّ ولا لي، وعن مظفر بن سهل قال سمعت غيلان الخياط يقول اشترى سري السقطي كرّ لوز بستين دينارا وكتب أنه ثلاثة دنانير ربحه، فصار اللوز بتسعين دينارا، أي ارتفع ثمن اللوز في الأسواق إلي تسعين دينار، فأتاه الدلال فقال له إن ذلك اللوز أريده، فقال خذه، فقال بكم؟ قال بثلاثة وستين دينارا، قال له الدلال إن اللوز قد صار الكرّ بسبعين دينارا، قال له السري قد عقدت بيني وبين الله عقدا لا أحله لست أبيعه إلا بثلاث وستين دينارا، قال له الدلال وأنا قد عقدت بيني وبين الله عقدا لا أحله، أن لا أغش مسلما، لست آخذ منك إلا بسبعين دينارا، قال فلا الدلال اشترى منه ولا سري باعه، واعلموا يرحمكم الله إن الإستقامة.
هى الإقامة والملازمة للسير على الصراط المستقيم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهدي إليه كما قال تعالى فى سورة الشورى “وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم صراط الله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور” إنه صراط واحد صراط الله وسبيل واحد يؤدي الى الله طريق التوحيد والعبودية لله وحده، فالماشي على الصراط المستقيم لا يحيد يمنة ولا يسرة فيضل ويقع في المتاهات، ولو تأملنا فى قوله تعالى كما جاء فى سورة فصلت ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون” لوجدنا إشراقات كثيرة منها ألا تخافوا من ردّ حسناتكم فهي مقبولة، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإنها مغفورة، وألا تخافوا مما تقدمون عليه.
ولا تحزنوا على ما خلفتم في الدنيا، وهذه التنزلات الملكية بالأمان من المخاوف ومن الأحزان، وبالبشائر تتوارد عليهم وتتوالى وتتابع في جميع أحوالهم وفي حالات المخاوف، وأشدها عند الموت وفي القبر وعند البعث، ففي هذه المواطن الثلاثة المخيفة المغمّة يكونون في أمان وسلام ويستبشرون بالأمن والأمان من الرحيم المنان، وقوله تعالى “نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا” فكيف ذلك؟ وهو إن الملائكة أحباؤنا الذين يدعون لنا بالخير، ويلهموننا إياه ويحسّنون لنا الحسن، ويحذروننا من الشر حين كان الشيطان يزيّنه لنا، يدل على ذلك ما جاء في الحديث الشريف الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه “إن للشيطان لمّة بابن آدم، وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق.
وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد من ذلك شيئا، أي الإيعاد بالخير والتصديق بالحق فليعلم أنه من الله تعالى، فليحمد الله تعالى، ومن وجد الأخرى أي لمة الشيطان، فليتعوذ بالله من الشيطان.