الدكروري يكتب : آداب وضوابط البيع

الدكروري يكتب : آداب وضوابط البيع

 

 

الحمد لله فتح باب التوبة للمذنبين، ووعد بحسن العاقبة للصادقين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن ما نراه اليوم في الأسواق من حلف بالباطل وحلف بالزور فإنه ليس من أخلاق أهل الإيمان ولا من شيم أهل الإسلام فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم ” قلت يا رسول الله من هؤلاء خابوا وخسروا؟ فأعادها ثلاث مرات، قال ” المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر “رواه مسلم.

وهذا الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال حدث في خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أن أصاب الناس قحط، فلما اشتد بهم الأمر ذهبوا إلى الخليفة، وقالوا له‏ ‏”يا خليفة رسول الله، إن السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت وقد توقع الناس الهلاك فماذا نصنع؟ فقال لهم “انصرفوا واصبروا، فإني أرجو ألا تمسوا حتى يفرّج الله عنكم فلما كان آخر النهار، وردت الأنباء بأن عيرا لعثمان بن عفان، قد قدمت من الشام، وتصبح بالمدينة، فلما جاءت، خرج الناس يتلقونها، فإذا هي ألف بعير موسوقة بُرّا وزيتا وزبيبا، فأناخت بباب عثمان، فلما جعل أحمالها في داره، جاءه التجار، فقال لهم ماذا تريدون؟‏ ‏ فقالوا إنك لتعلم ما نريد، بعنا من هذا الذي وصل إليك، فإنك تعلم حاجة الناس إليه.

‏فقال عثمان “حبّا وكرامة” كم تربحونني على شرائي؟‏ قالوا الدرهم درهمين، قال أُعطيت زيادة على هذا قالوا أربعة، قال أعطيت أكثر قالوا نربحك خمسة، قال أعطيت أكثر، فقالوا ما في المدينة تجار غيرنا، وما سبقنا أحد إليك، فمن الذي أعطاك أكثر مما أعطينا؟‏‏ قال إن الله أعطاني بكل درهم عشرة، فهل عندكم زيادة؟‏‏ قالوا لا،‏‏ قال فإني أشهد الله، أني جعلت ما حملت هذه العير صدقة لله على المساكين وفقراء المسلمين، ثم أخذ يُفرق بضاعته، فما بقي من فقراء المدينة أحد إلا أخذ ما يكفيه وأهله، وإن من آداب وضوابط البيع هو القناعة لدى البائع بما يسر الله له فأنت أيها البائع لا بد أن تربح وتسعى في الربح لكن ليكن هذا الربح ربحا واقعيا لا ربحا تجاوزيا، فإن كثير من المبالغات في السلع التي يفرضها بعض الباعة مخالفة للواقع.

فتكون السلعة مثلا بكذا وترى الأرباح فيها عالية جدا جدا، فلا بد من قناعة لك أيها المسلم وقناعة بالرزق الذي تحصل عليه وأن يكون ربحك ربحا طيبا ربحا مباركا لا ضرر فيه على الأخرين وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” فاللهم نجنا من كربات يوم القيامة يا كريم، واغفر لنا ذنوبنا يا أرحم الراحمين، وأظلنا في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك إنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى