الدكروري يكتب : الفاروق يبكي علي النعمان

الدكروري يكتب : الفاروق يبكي علي النعمان

 

 

الحمد لله أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله خير من علم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلم تسليما مزيد ثم أما بعد يقول التاريخ إن الدولة الفارسية برغم أنها هزمت في معركة القادسية وسقطت عاصمتها، بقيت تقاوم مقاومة عنيدة حتى خشي على بقاء الإسلام هناك، فدخل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه المسجد، وتفرس في الصفوف، ليختار قائدا من المصلين يبعث به إلى فارس فنظر فإذا النعمان بن مقرن رضي الله عنه يصلي، فذهب إليه وقال له يا نعمان. 

أريد أن أستعملك في عمل، فقال له النعمان إن كان جابيا فلا، أي إن كنت تريد أن تبعثني لأجيء بمال، فلا، فقال له بل بعثتك لتقود جبهة المسلمين في فارس، فقال نعم، وذهب النعمان ليقود المعركة الحاسمة في فارس، والمعركة التي أجهزت على النفوذ الفارسي تماما، وأخمدت أنفاسه إلى الأبد، وتسمى المعركة في التاريخ معركة نهاوند، فإن الرجل قبل أن يهجم قال للمسلمين إني هاز لوائي ثلاثا، وإنى داع فأمّنوا، ودعا فقال اللهم ارزق المسلمين نصرا، وارزقنى فيه الشهادة، وإن الحقيقة إذا تأملت في المعركة فسوف تستغرب، حيث يقول المؤرخون إن المعركة بلغ من ضراوتها وكثرة ما سفك من دم فيها أن الخيل كانت تنزلق على الصخر من كثرة ما سفك من دم وقاد النعمان بن مقرن المعركة، وأصيب بجرح قاتل وسقط، ولكنه سقط حيا. 

وقاد المعركة رجل آخر من المسلمين، وانتصر المسلمون، وجاء البشير إلى النعمان وهو جريح يقول له انتهت المعركة، فقال على من الدائرة؟ قال على أعداء الله، فحمد الله تعالى ومات، فيجب علينا أن ننظر إلى الرجل القائد خريج المسجد، الراكع الساجد، الرجل الذي أبى أن يذهب في منصب ينتظر أن يغنم منه شيئا، أو يفيد منه خيرا، واشترط على الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أول ما حدثه ألا يذهب في منصب من هذه المناصب، ثم لما دعا ناس كثيرون قد يفكرون في أن يعودوا إلى بلدهم ليجنوا ثمرة النصر الذي أحرزوه، تلتف حولهم الجماهير، يهتفون لهم، يهنئونهم، يضعون الألقاب وراء أسمائهم، ولكن النعمان احتقر هذا كله وطلب النصر للمسلمين، والشهادة للنعمان، ولذلك لما جاء البشير إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه بالنصر. 

فقد سأل عمر رضى الله عنه، ما فعل النعمان؟ قال قتل، فخرج إلى الناس فنعاه إليهم على المنبر، ووضع يده على رأسه وبكى، فكان هذا شهيد من قادتنا، فاللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الآمنين يوم الدين، وأن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، تجاوز عنا بحلمك يا حليم، وكفر عنا سيئاتنا يا غفور يا رحيم، اللهم أقل عثرتنا واغفر زلتنا، وامح سيئاتنا، اللهم زد حسناتنا، وضاعفها لنا يا كريم، اللهم إنا نسألك الأمن يوم الفزع، والستر يوم الفضيحة، استرنا بسترك الجميل، واصفح عنا الصفح الجزيل، اللهم إنا نسألك أن تغفر لأموات المسلمين، يا رب العالمين، وأن تنصر المجاهدين، وتعلي كلمة الدين، وتقمع المشركين والمبتدعين، اللهم إنا نسألك أن تجعل فرجنا وفرج المسلمين قريبا يا رب العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى