محمد آدم يكتب :(أ) الصِهيونية (צִיּוֹנוּת) ..1.. (المصطلح و المفهوم

محمد آدم يكتب :(أ) الصِهيونية (צִיּוֹנוּת) ..1.. (المصطلح و المفهوم)

يُقال إنّ «الصِهيونية» كلمة اشتُقت من لفظ (صِهيون) الذي وَرَدَ ذِكره في التوراة أوّل مرة، ثم تكرّر ذِكره فيما بعد في الأسفار اليهودية. و«صهيون» في الأصل جبل يقع إلى الشرق من مدينة القدس القديمة «أورشليم»، وحسبما ذكر في التوراة، فإنّ النبي «داوود» قد انتزعه من «اليبوسيين» الذين كانوا يسكنون فلسطين قبل مجيء العبرانيين إليها، وكان يُراد به «مدينة داوود» أي عاصمة مملكتهم ورمز مجدهم.

وللوهلة الأولى، قد تبدو كلمة «صهيونية» مشتقة فعلًا من كلمة «صهيون»، لكنّها في حقيقة الأمر ليست كلمة عبرية، وإنّما هي مُترجمة عن الألمانية، وقد استخدم دكتور «نتان بيرنبوم» المصطلح للمرة الأولى في الصحيفة الوطنية الصهيونية الأولى في ألمانيا. ولَم يكُن من السهل «أقلمة» الكلمة مع العبرية، وهناك الكثير من الأمثلة تُثبت مدى الصعوبة التي واجهَت استيعاب هذه الكلمة في اللغة العبرية، لا سِيّما عِبرية أواخر القرن التاسع عشر، التي كانت جذرية ومتعدّدة المصادر من شرائح المجتمع كافة. بيد أنّ الأهم من ذلك، هو تطوّر المعنى على صعيد اللُغتين الألمانية والعِبرية؛ ففي البداية أُطلقت كلمة «صهيونية» على الحركة الوطنية، أو حركة «محبي صهيون»، ثمَّ بدأَت الصهيونية شيئًا فشيئًا كحركة سياسية اتسَمَت بالضبابية بدايةً، قبل أنْ يحدث التحوّل الحقيقي في المرحلة الهرتسليّة، أي مع ظهور «تيودور هرتسل»، لتتحول إلى حركة سياسية عالمية ذات نزعة قومية.

وقد وصفها «هرتسل» فقال: “الصهيونية ليست حِزبًا؛ إذ يمكن الوصول إليها من جميع الأحزاب، لأنّها شاملة لجميع الأحزاب في حياة الشعب. الصهيونية هي الشعب اليهودي، الآخذ في التبلور”.

وقد تجلى استخدام مصطلح الصهيونية بمفهومه السياسي أول مرة في اجتماع ﭬيينا، الذي انعقد بتاريخ (23) من كانون الثاني/ يناير عام (1892). بيد أنّ مفهوم جبل صهيون (بيت المقدس) لم يكن جديدًا، فهو قديم بقِدَم منفى بابِل كما يوضح هذا بجلاء كتاب (سفر مزامير التوراة)؛ إذ يقول: “جلسنا بجانب أنهار بابِل، تذكّرنا جبل صهيون وذرفنا عليه الدموع”.

وجبل صهيون، أو كما يُسمى بالعِبرية «تسيون» (Tsion) والذي يُشير إليه المقطع الشعري أعلاه هو في واقع الأمر التسمية الأُخرى لمدينة القدس.

(ب) مفهوم الصهيونية:

مفهوم الصهيونية يتركّز بشكل خاص حول “الإيمان بضرورة تكوين مجتمع يهودي يحكُم نفسه بنفسه في فلسطين، وتحقيق أمل اليهود في العودة إلى الأرض المقدسة”.

وبهذا الفكر، نرى أنّ الصهيونية بشكل عام هي حركة سياسية تستمِدُّ أصولها من الفكر الصهيوني النابع من عقائد التوراة وشرائع التلمود، كما تستمِد حيويتها من ارتباط الفكر اليهودي بعقائد دينية وعنصرية ثابتة في أذهانهم.