الصهيونية ..4..( أطوار الحركة الصهيونية) اعداد: محمد آدم

 

نعم كان «هرتسل» هو صاحب الفضل الأكبر في تحويل الصهيونية إلى قضيّة عالمية، لكنّها في الواقع حركة قديمة جدًّا، وقد مَرّت بأطوار عديدة، بدأت قبل الحدود والدول، ونلخص أهمها فيما يلي:

 حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي، بقيادة «يهودا المكابي» (160 – 191) ق.م، وكان من أول أهدافها العودة إلى صهيون، وبناء هيكل سليمان من جديد.

 حركة «بار كوخبا» (ابن الكوكب) (116 – 138) م، وحركة «موزس الكريتي» الفاشلة.

 حركة «ديڤيد روبين» وتلميذه «سولمون مولوخ» (1501 – 1532) م، وقد ظهر هذان اليهوديان كمنقذَيْن لليهود وقائديْن طموحيْن يسعيان إلى تجميع وإعادة توطينهم في فلسطين.

 حركة «منشه بن إسرائيل» (1604 – 1657) م، وكان يدعو إلى إعادة توطين اليهود في بريطانيا، وعلى مدى ثلاثة قرون استطاعت تلك الحركة أنْ تسخّر جميع قوى الإنجليز من أجل تحقيق أهداف اليهود.

 حركة «شبتاي تسيڤي» (1616 – 1676) م، وكانت من أشد الحركات الصهيونية عنفًا وتعصّبًا في عهد الدولة العثمانية، وادَّعى صاحبها أنّه المسيح المنتظر.

 ثم كانت فرنسا هي أول دولة أوروپية تطرح جديًّا على المستوى السياسي فكرة توطين اليهود في فلسطين، فأعدّت الحكومة خطة سرية عام (1798) لإقامة كومنولث(1) يهودي في فلسطين، حال نجاح الحملة الفرنسية باحتلال المشرق العربي، شريطة تقديم أغنياء اليهود قروضًا مالية كبيرة للحكومة الفرنسية تخفف من أزمتها المالية الخانقة. أتبع ذلك نشاط اليهود واجتماع المجلس الأعلى (سونهدريم) لمناقشة دعوة «ناپليون بونابرت» سنة (1806) لمساندته في احتلال الشرق العربي، مقابل وعد بمنحهم فلسطين.

 أتت بعد ذلك حركة «حوڤـيڤـي تسيون» (محبي صهيون) والتي أسّسها «يهودا ليون پنسكر» في روسيا، بعد الاعتداءات على اليهود في عاميّ (1881 – 1882)، وهو أوّل من وضع خطة واضحة لتنفيذ فكرة إنشاء وطن قومي لليهود، وأوّل من طالب بعرض المشكلة اليهودية على نحو سياسيّ دولي. ولأنّ هذه الأفكار هي التي أثَّرت في فكر وعمل زعماء الصهيونية السياسيين بعد «پنسكر»؛ وبخاصة «هرتسل»، يعتبر «پنسكر» رائدًا للفكر الصهيوني السياسي، ويحتلّ كتابه «التحرُّر الذاتي» مكانة مهمة في الأدب السياسي الصهيوني.

 ثم انتهى الأمر بتبلور الفكرة ودخولها حيز التنفيذ في «المرحلة الهرتسلية»، حين ظهر الرجل الأوّل الذي عقد العزم أكثر من غيره، ليُحيل الحلم اليهودي إلى حقيقة.. «تيودور هرتسل» (بنيامين زئيڤ)، قائد الصهيونية وبطلها بلا منازع، الذي كَنَّاه الكاتب النمساوي «ستيفان تسڤايغ» (Stefan Zweig) بـ (ملك اليهود)، وقيل عنه إنّه موسى عصره الذي سيحطُّ بشعبه في أرض الميعاد. لقد أخرج «هرتسل» الدعاء الوطني اليهودي من قبور أحبائهم، وجعله ثابتًا في محافل السياسات الدولية، وبفضله تحوّلَت القومية اليهودية إلى قوّة سياسية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى