هل تهدد ناسا الريادة الأمريكية فى الفضاء ؟

إعداد/ رانيا البدرى 

 

هل تتخلى الولايات المتحدة عن زعامتها فى مجال الاكتشافات الكونية؟ سؤال يطرح نفسه فى المجتمعات العلمية. وكانت البداية بعد تقويض ميزانية أبحاث الفضاء، وما أثير من جدل حول مصير مرصد «شاندرا» الفضائى المعرض للخطر بموجب ميزانية ناسا المالية لعام 2025. وتدافع علماء الفلك للتكاتف لإنقاذ التليسكوب الذى أطلق عام 1999 لدراسة الكون. 

وقد أنفقت وكالة ناسا 2.2 مليار دولار لبناء وإطلاق المرصد شاندرا، الذى أدى مهامه ببراعة على مدار 25عاما. ويعد التليسكوب القديم جزءا من المشكلة الحادة الخاصة بالميزانية المقررة للمهام العلمية التابعة لناسا. وأوضح المسئولون أنه ليس هناك ما يكفى من المال للإنفاق على جميع مجسات الكواكب ومركبات المريخ والتليسكوبات الفضائية التى تم بناؤها بالفعل أو تحت التنفيذ. وأكدوا أنه من غير المرجح توفير مزيد من الدعم المالى، قائلين: «الأموال لن تنزل بطريقة سحرية من السماء!».

و يبدو أن مستقبل شاندرا ــ بالنسبة لعلماء الفلك، الذين يحبونه ــ قاتم، حيث يرون أنه إذا وافق الكونجرس على طلب إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن لميزانية 2025 للمهام العلمية لوكالة ناسا، فهذا يعنى إنهاء مهمة شاندرا فعليًا، وهو أمر مرفوض بالنسبة لهم حتى مع اعترافهم بأنه يعانى مشاكل التقادم. ورغم ذلك، يرى العلماء أن شاندرا يعد بمثابة العمود الفقرى العلمي، حيث يقدم وجهات نظر عن الكون لا يمكن الحصول عليها بأى طريقة أخرى. ومن المهام العديدة، التى قام بها شاندرا: فحص الفضاء السحيق والثقوب السوداء وعناقيد المجرات وبقايا النجوم المنفجرة. كما أنه يرى أشياء لا تستطيع التليسكوبات الفضائية الأخرى رؤيتها، وذلك نظرا لأنه يمتلك رؤية دقيقة بالأشعة السينية. وقد حقق قائمة طويلة من الاكتشافات، بعضها بالتعاون مع التليسكوبات. ففى عام 2015، التقطت ملاحظات شاندرا ثقبًا أسود يمزق نجمًا، كما كانت ملاحظات شاندرا أساسية لاكتشاف ثقب أسود هائل فى مجرة تبعد 13 مليار سنة ضوئية، ويُقال إنه أقدم وأبعد ثقب أسود من نوعه على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، تم الاعتماد على بيانات شاندرا فى أخذ صورة مركبة لثقب أسود كان موجودًا بعد 470 مليون سنة فقط من الانفجار الأعظم.

من جانبهم، لا يشكك العلماء فى نية ناسا بإنهاء مهمة شاندرا، لكن الميزانية المقترحة الخاصة بتخفيض الدعم المالى للتليسكوب لا تبدو واعدة، حيث قالت «إن التخفيض فى شاندرا سيبدأ فى خفض المهمة بشكل منظم إلى الحد الأدنى من العمليات».

وكانت ميزانية تمويل التليسكوب تقل قليلاً عن 70 مليون دولار سنويًا، لكن طلب الميزانية المالية لعام 2025 يخفض ذلك إلى 41 مليون دولار، ثم إلى 26.6 مليون دولار فى العام التالي، لينخفض إلى 5 ملايين دولار فى السنة المالية 2029.

ومن المعروف أنه يتم رصد 7.5 مليار دولار سنويًا لمهام ناسا العلمية، لكن الميزانيات لم تكن قادرة على مواكبة الطموحات العلمية، بما فى ذلك المحاولات المكلفة لاستعادة عينات من المريخ، وهو ما يؤثر على وضع ناسا الإستراتيجى فى مجال المنافسة العالمية. فعلى سبيل المثال، تطلق الصين ودول أخرى سفن الفضاء يمينًا ويسارًا، ويمكن للصين أن تضع رواد فضاء على سطح القمر فى غضون سنوات قليلة. وهناك حديث فى المجتمعات العسكرية والأمنية عن الفضاء باعتباره مجالاً لخوض الحروب فى المستقبل .

وصرح كيسى درير، رئيس سياسة الفضاء فى جمعية الكواكب، فى تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أنه حتى مع زيادة الميزانية الإجمالية لناسا بنسبة 2 % فى ميزانية عام 2025، فإنها لا تزال تمثل خسارة بقيمة 2 مليار دولار.

وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تلتزم بشكل كامل بإرسال رواد فضاء إلى القمر، لكن الجزء الأكبر من الدولارات يذهب إلى الصواريخ، وسفن الفضاء، ومحطات التزود بالوقود المدارية، ومركبات الهبوط على سطح القمر، والتعقيدات المرتبطة بإبقاء البشر على قيد الحياة فى الفضاء.

من بين العلماء الذين يدافعون عن بقاء شاندرا، جرانت تريمبلاي، عالم الفيزياء الفلكية فى مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية فى كامبريدج،. ويقول إن إنهاء مهمة التليسكوب لن ينهى علم فلك الأشعة السينية، لكن الولايات المتحدة ستفقد مكانتها كرائدة فى هذا المجال، وسوف تتخلى عن زعامتها فى مجال الاكتشافات الكونية.«وأضاف أنه فى حال تخفيض ميزانية شاندرا إلى الحد الأدنى، فمن المتوقع أن يفقد حوالى 80 شخصا وظائفهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى