المسلمين والأعياد الربيعية .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لك يا رب العالمين، أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيران ثم أما بعد إن هناك كثير من المسلمين في مصر قد احتفلوا بعيد شم النسيم واحتفل غيرهم في كثير من البلدان العربية والغربية بأعياد الربيع على إختلاف أنواعها ومسمياتها وأوقاتها، وكل هذه الأعياد الربيعية فيما يظهر هي فرع من عيد شم النسيم، أو تقليد له، ولكن ينبغي علينا جميعا بيان خطورة الاحتفال بمثل هذه الأعياد الكفرية على عقيدة المسلم، فإن عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيدا شعبيا يحتفل به كثير من أهل مصر من أقباط ومسلمين وغيرهم.
وكانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل، ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات وكانوا يعتقدون كما ورد في كتابهم المقدس عندهم أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم، وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم عيد شموش أي بعث الحياة، وحُرّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم شم وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله، ويرجع بدء إحتفال الفراعنة بذلك العيد رسميا إلى عام ألفان وسبعمائة عام قبل الميلاد أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفا ضمن أعياد هيليوبوليس.
ومدينة أون وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات، ولقد نقل بنو إسرائيل عيد شم النسيم عن الفراعنة لما خرجوا من مصر، وقد اتفق يوم خروجهم مع موعد إحتفال الفراعنة بعيدهم، واحتفل بنو إسرائيل بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح، والفصح كلمة عبرية معناها الخروج أو العبور، كما اعتبروا ذلك اليوم أي يوم بدء الخلق عند الفراعنة رأسا لسنتهم الدينية العبرية تيمنا بنجاتهم، وبدء حياتهم الجديدة، وهكذا انتقل هذا العيد من الفراعنة إلى اليهود، ثم انتقل عيد الفصح من اليهود إلى النصارى وجعلوه موافقا لما يزعمونه قيامة المسيح، ولما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء الفراعنة ويقع دائما في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة، وكان الفراعنة يحتفلون بعيد شم النسيم إذ يبدأ ليلته الأولي.
أو ليلة الرؤيا بالإحتفالات الدينية، ثم يتحول مع شروق الشمس إلى عيد شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب كما كان فرعون، وكبار رجال الدولة يشاركون في هذا العيد، ويخرج المحتفلون بعيد شم النسيم جماعات إلى الحدائق والحقول والمتنزهات ليكونوا في إستقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم طعامهم وشرابهم، ويقضوا يومهم في الإحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها، وكانوا يحملون معهم أدوات لعبهم، ومعدات لهوهم، وآلات موسيقاهم، فتتزين الفتيات بعقود الياسمين وهو زهر الربيع، ويحمل الأطفال سعف النخيل المزين بالألوان والزهور، فتقام حفلات الرقص الزوجي والجماعي على أنغام الناي والمزمار والقيثار، ودقات الدفوف، تصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بعيد الربيع.
كما تجري المباريات الرياضية والحفلات التمثيلية، كما أن الإحتفال بالعيد يمتد بعد عودتهم من المزارع والمتنزهات والأنهار إلى المدينة ليستمر حتى شروق الشمس سواء في المساكن حيث تقام حفلات الإستقبال، وتبادل التهنئة أو في الأحياء والميادين والأماكن العامة حيث تقام حفلات الترفيه والندوات الشعبية، وكان لشم النسيم أطعمته التقليدية المفضلة، وما ارتبط بها من عادات وتقاليد أصبحت جزءا لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد نفسه، والطابع المميز له والتي انتقلت من الفراعنة عبر العصور الطويلة إلى عصرنا الحاضر.