ميناء الملك خوفو.. الأقدم في التاريخ وبرديات الضابط «مرير» كشفت حقوق وواجبات المصري القديم

لا يزال البحر الأحمر يبوح بأسراره، ويبدو أن ما ظهر من جمال مياهه، وهدوء أمواجه، وألوان شعابه المرجانية، وتعدد جزره البحرية، ما هو إلا جزء قليل، من تاريخ قديم، لم يبح به البحر القديم بعد.
لم يرتبط ذكر البحر الأحمر في الأذهان مع وجود مواقع أثرية؛ وربما يرجع ذلك إلى انتشار الرياضات البحرية، وهوايات الغطس والطفو، إلا أنه في الحقيقية هناك العديد من المواقع الأثرية المهمة في البحر الأحمر تعود إلى العصور الفرعونية والبيزنطية والإسلامية، لم يسلط عليها الضوء من قبل.
أين يوجد ميناء الملك خوفو؟
ميناء الملك خوفو، واحد من أشهر المواقع الأثرية في البحر الأحمر، وهو الميناء المعروف بـ«ميناء وادي الجرف» الموجود في منطقة الزعفرانة شمال المحافظة، وكانت هذه المنطقة بمثابة مخازن للسفن والبضائع، ويرجع تاريخها إلى عصر الدولة القديمة، تحديدا عهد الملك خوفو من الأسرة الرابعـة، وذلــك طبقا للشواهد الأثرية التي عثر عليها هناك.
ميناء الملك خوفو.. أقدم مواني الأرض
وكشف بشار أبو طالب، نقيب المرشدين السياحيين في البحر الأحمر، أن ميناء الملك خوفو، يعد أقدم مواني الأرض؛ حيث أقامه المصريون القدماء للذهاب إلى شبه جزيرة سيناء عبر خليج السويس، لجلب «الملاخيت» أو أكسيد النحاس؛ لصناعة معداتهم اللازمة للنحت.
30 كهفا وبرديات الضابط «مرير»
وأشار أبو طالب إلى أن الميناء عثر به على 30 كهفا، كانت تستخدم كمخازن لتخزين المراكب بعد تفكيكها، حيث جرى حفظها حفظا جيدا؛ نظرا لكون الأخشاب من أغلى المواد التي يجب الحفاظ عليها.
وأوضح أبو طالب، أن من أعظم ما عثر عليه بجوار هذه الكهوف كانت 7 برديات من بين 40 بردية عثر عليها، تحدثت الـ 7 برديات عن يوميات الضابط “مرير”، الذي شارك في بناء الهرم الأكبر في عهد الملك خوفو.
برديات الملك خوفو تكشف عن حقوق وواجبات المصري القديم
وأوضحت وزارة الدولة لشؤون الآثار، في بيان الكشف عن ميناء الملك خوفو، أن بعثة مصرية فرنسية تعمل في منطقة آثار السويس اكتشفت الميناء على بعد 180 كيلومترا جنوب السويس.
وقال «بايير تاليه» رئيس البعثة: «إن البرديات بما تسجله من تفاصيل سوف تضفي مزيدا من المعلومات عن حياة المصري في تلك الفترة، وما كان ينعم به من حقوق وما عليه من واجبات».
مراسي حجرية وأدوات تثبيت السفن
وتابع أنه عندما غطس «الآثاريون» هناك عثروا على عدد من المراسي الحجرية، استخدمت كأدوات لتثبيت السفن، كما عثر على «أزاميل» -من أدوات النجارة- وأواني فخارية، ونقوش منها اسم الملك خوفو مرسوما بالمداد الأحمر.
أمل العثور على أثار مصرية قديمة
وأكد نقيب المرشدين السياحيين في البحر الأحمر أنه لا يزال هناك أمل يراود الباحثون؛ للعثور على الكثير من الآثار المصرية القديمة، منوها أن آثار الملك خوفو نادرة، رغم أنه بصاحب الهرم الأكبر، العجيبة الوحيدة الباقية من العالم القديم.
تكوين مينـاء الملك خوفو «ميناء وادي الجرف»
ويتكون الميناء الأقدم في التاريخ مما يلي:
– الرصيف: وهو رصيف الميناء الذي كانت تـرسو عليـه السفن المقبلة مـن شبه جزيرة سيناء والمحملـة بالفـيروز والنـحاس، مــن أجـل إرساله إلى العاصمة القديمة «منــف»، وهــذه المنطقــة غارقة، وعـثر بها علــى ما يـشـبه هـلب السفينة مصنوع من الحجر.
– المنطقة الوسطى: عـبارة عـن مبنى مستطيل ارتفاعه أقل من المتر، ويعتقد أنه كان مخزنا، ويذكر أنه كان مسكنا للعمال والبحارة، ويـرجـع إلى عصر المـلك خوفــو، وعـثر بداخله علــى نقش يحمل اسم المـلـك خفـرع ابـن خوفو.
– منطقة الكهـوف: وبعد سنوات من البحث فيهـا عثر بها العديد من أوراق البردي، وتمكنت البعثات المستكشفة للميناء من تنظـيـف 28 كهــفا من أصل 30، عثر بداخلهم على أوراق بردي كثيرة أخرى، والكثير مـن الفخار «الاوستراكا»، بالإضافة إلى العثور على بقايا حبال مجدولة، وبقايا قطـع قمـاش مـن الكـتان، يعتقــد أنها كانت أشرعة للسفن وبقايا ملابس بيضاء مـن الكـتان.
أقدم مواني التاريخ
وكانت وزارة الآثار أعلنت عام 2013 اكتشاف أحد “أقدم المواني في التاريخ” على ساحل البحر الأحمر، يرجع إلى عهد الملك خوفو، صاحب الهرم الأكبر جنوب الجيزة، وهو من أبرز ملوك الأسرة الفرعونية الرابعة.
ميناء خوفو نقطة انطلاق إلى خليج السويس
وأشارت إلى أن الميناء كانت تنطلق منه الرحلات البحرية لنقل النحاس والمعادن من سيناء إلى داخل البلاد، كما اكتشفت مجموعة من المراسي الحجرية للسفن، وفيها أماكن الحبال التي كانت تستخدم في ربط السفن حتى ترسو في الميناء، الذي يحده رصيف داخل مياه البحر الأحمر.
وأضاف بيان الوزارة، أن البعثة اكتشفت 40 بردية مكتوبة باللغة الهيروغليفية وتسجل تفاصيل الحياة اليومية للمصريين وبعضها يعود للعام السابع والعشرين من حكم خوفو وأنها “من أقدم البرديات التي تم الكشف عنها حتى الآن”.
أهمية البرديات المكتشفة في ميناء الملك خوفو
وترجع أهمية البرديات إلى كشفها جوانب من تفاصيل الحياة اليومية في ذلك العصر، حيث تتضمن تقارير شهرية عن عدد العاملين بالميناء، وظروف عملهم “وتم نقل البرديات إلى متحف السويس” تمهيدا لدراستها.