شهادات حية من رفح الفلسطينية

النزوح الداخلى والهروب إلى المجهول
تضاعفت معاناة مئات الآلاف من النازحين فى رفح الذين اضطروا إلى النزوح فى أجواء من الذعر والرعب، من وسط مدينة رفح جنوب غزة إلى مدينتى دير البلح فى المنطقة الوسطى وخان يونس غرب القطاع، فى رحلة ذلّ وقهر وشقاء مستمر منذ ٧ شهور، وذلك بعد تحذير قوات الجيش الإسرائيلى بإخلاء مناطق فى المدينة مع تكثيف هجمات الاحتلال الجوية والبرية والبحرية، على وقع أصوات المدافع وقصف الطائرات وقذائف البوارج، بشكل متزامن مع تحليق طائرات الاستطلاع.
النزوح المستمر
المتجول فى المدينة المهددة بالاجتياح البري، يرى النازحين وهم فى عجلة من أمرهم، وهم يحزمون أمتعتهم وخيامهم، للانتقال إلى مراكز إيواء جديدة، بينما خلا ميدان العودة الأكثر ازدحاما وشارع رفح الرئيسى من المارة والسيارات وأغلقت المحلات التجارية أبوابها، حيث يتخوف سكان مدينة رفح جنوب القطاع من وقوع كارثة إنسانية فى ظل انعدام مقومات الحياة واضطرار الآلاف للمبيت فى العراء وسط تفشى الأوبئة وانتشار الأمراض، مع انعدام الخيارات المتبقية أمامهم.
وأكد شهود العيان أن الجيش الإسرائيلى دعا سكان الأحياء فى قلب مدينة رفح عبر إلقاء آلاف المنشورات فى سمائها، إلى النزوح بشكل فوري، ليوسع بذلك عملياته التى بدأت شرقى المدينة، غير آبه بالتحذيرات الدولية الرافضة لتوسيع العمليات العسكرية البرية فى رفح. وأكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الـ«أونروا»، أن أكثر من ٤٥٠ ألف فلسطينى على الأقل نزحوا، بسبب هجوم إسرائيل على رفح، جراء توسع الجيش الإسرائيلى فى تعليمات إخلاء مناطق سكنية فى أنحاء قطاع غزة.
فى غضون ذلك، أطلقت وزارة الصحة فى غزة صرخة استغاثة لإنقاذ آلاف المرضى فى المستشفيات والعيادات، محذرة من أن الاحتلال بدأ بتنفيذ إبادة جماعية جديدة بإغلاقه المعابر ومنع الدخول والخروج منها خاصة سفر الجرحى والمرضى ودخول مساعدات الأدوية والمستلزمات الطبية وشاحنات الطعام والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات.
وقال إياد قديح مسئول وحدة الإعلام فى وزارة الصحة فى غزة فى تصريح للأهرام ويكلي: نطلق مناشدة عاجلة وإنسانية، من أجل الضغط والعمل العاجل لإنقاذ أرواح هؤلاء المرضى والجرحى وفتح المعابر ودخول الشاحنات الطبية والإغاثية اللازمة للمستشفيات. وأكد قديح أنه قد تم إيقاف مركز غسل الكلى الوحيد فى محافظة رفح عن العمل بسبب القصف وتهديد الاحتلال، فيما بات الجرحى والمرضى يعانون موتا بطيئا لعدم وجود علاج ومستلزمات ولا إمكانية لسفرهم.
بدوره، حذر المهندس منذر شبلاق المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل، من كارثة مائية ستحل بأهالى غزة، فى ظل استمرار الحرب وتوقف إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء التابعة لمرافق إنتاج وتحلية وضخ المياه، إضافة إلى محطات ضخ المياه العادمة فى مختلف محافظات قطاع غزة ، وتوقف محطات عديدة عن العمل بسبب نفاد الوقود فيها.
شهادات من النازحين
يقول خليل عقل- ٤٨ عاما: «قررت الانتقال أنا وأفراد عائلتى السبعة إلى مخيم النصيرات بالوسطي، لا ندرى ماذا يخطط الاحتلال ضدنا، لا يمنعهم شيء من ارتكاب المزيد من المجازر والمذابح، وقتل الأطفال والنساء، وتدمير البيوت وحرقها». وتابع عقل قائلا: «هذه هى المرة الرابعة التى نزحنا فيها بعد تدمير منزلنا فى حى الشيخ رضوان بغزة، والانتقال إلى مستشفى الشفاء قبل اقتحامه ثم إلى مخيم خان يونس، قبل احتلال المدينة، حتى وصلنا رفح، ولا ندرى ماذا سيحدث لنا بعد ذلك؟ سنذهب للمجهول».
وقال نضال خضرة المحلل السياسى للأهرام ويكلي: يهدف الجيش الإسرائيلى إلى إخلاء رفح لتنفيذ عمليته البرية، دون إيقاع خسائر هائلة فى الأرواح بعد حشد الآلاف من نازحى رفح فى منطقة المواصي. وأضاف خضرة: يرمى الاحتلال إلى مضاعفة معاناة النازحين بزجهم فى منطقة المواصي، الواقعة على الشريط الساحلى للبحر المتوسط، تمتد على مسافة ١٢ كيلومترا وبعمق كيلومتر واحد، من دير البلح شمالا، مرورا بمحافظة خان يونس جنوبا، وحتى محافظة رفح أقصى جنوب القطاع، وهى مناطق رملية خالية تعج بالدفيئات الزراعية ، لا تصلح للسكن لأنها تفتقر إلى بنى تحتية وشبكات صرف صحى وخطوط كهرباء فضلا عن شبكات الاتصالات والإنترنت.