الغاية من الكتابة .. بقلم/ محمد كمال قريش

في فترة ما، قبل 8 أكتوبر الماضي، اليوم الذي خالفت فيه معايير وسياسات فيس بوك العبيطة، كانت صفحتي العامة يتابعها 584 ألف مُتابع، وكانت منشوراتي تصل لعشرات الملايين، ويتفاعل عليها عشرات ومئات الآلاف. فكنت أستيقظ بشعور مبهم لا يخلو من لذة؛ أنني أمتلك قاعدة جماهيرية، مئات الآلاف يترقبون منشورًا مني كي يتفاعلوا معه.
الشهرة فتنة، غواية، تخرج المرء أحيانًا من كينونته، تجرده من مشاعره ومبادئه وإنسانيته، فيتحول لآلة، تنتج، على حسب موهبتها أو قدراتها، ثم تنتظر ببلادة، وبلاهة، ردود الأفعال على ما أنتجته.
ما تزال صفحتي موجودة، خسرت تقريبًا عشرين ألفًا من المتابعين، والكثير من أعداد الوصول والتفاعلات، لكن ما أزال بإمكاني فتحها، وكتابة أي كلمات تخطر ببالي، وأضغط نشر، فأجد تفاعلًا. ما زلت أمتلك هذه الرفاهية..
ولكن..
أخيرًا فهمت غايتي الشخصية من الكتابة، لم أعد أُرائي فيها، أو أتباهى بها، بأن أنشر ما أفكر فيه أو تلفظه مخيلتي، وأنتظر وأتلهف لكلمات الإطراء، وإنما صارت غاية غايتي، أن أكتب، أن أكتب فقط.
أن تستطيع الكتابة من الأساس، تلك رفاهية. أن تمتلك حق الكتابة، تلك رفاهية أكثر. أن تجد ما تكتب عنه، وتكتب عليه، تلك رفاهية أيضًا. أن تجد من يقرأ لك، يا لحظك، ويا لتعاستك؛ فإنك ستكشف نفسك له، يحدق إليك من الداخل، كما يحملق فيك من الخارج.
الآن أستطيع الكتابة بحرية، لا يقيدني رأي يقرأ لي، ولا ذائقة تنتقدني. لا يهمني إن بدا ما أكتبه رديئًا، ولا يفرق معي متحذلقو اللغة، صيادو الأخطاء اللغوية والإملائية.
الآن صرت أكتب، من أجل الكتابة فقط.