الزكاة هي رحمة من الله .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فريضة الزكاة، ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” من آتاه الله مالا فلم يؤدي زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع وهو الثعبان العظيم الذي سقط شعره لكثرة سمه، له زبيبتان أي نقطتان سوداوان فوق عينيه، أو بجانبي فمه، وقيل نابان، يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه، يعني بشدقيه، ثم يقول أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم قول الله تعالي ” ولا يحسبن الذين يبخلون” هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله، ويحبسون الأموال، ويكدسونها، ويراكمونها، ويظنون ذلك في مصلحتهم، لكنه شر عليهم. 

فإذا كان يوم القيامة يقول” إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاتحا فاه فإذا أتاه فر منه فيناديه خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه غني، فإذا رأى أنه لابد منه سلك يده في فيه، يتوقف مانع الزكاة عن الهرب، ويواجه المصير المحتوم لهذا الثعبان العظيم، ويعطيه يده ليقضمها فيقضم يده، وهكذا قال صلي الله عليه وسلم فيقضمها قضم الفحل، وإذا كانت ماشية، ولم يؤد حق الله فيها وهي سائمة، قال صلي الله عليه وسلم وأخبر بأنها تطأه وتعضه وتنطحه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولاوي الصدقة، يعني مانع الصدقة من الملعونين على لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث الصحيح، وهؤلاء الذين يمنعون الزكاة شؤمهم يعم، حيث قال صلي الله عليه وسلم. 

“لم يمنع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا” هذه الزكاة هي رحمة من الله، نماء، زيادة، طهر، بركة، دليل على صحة إيمان مخرجها، إنه يزداد بها بركة، وكذلك يزداد المجتمع بها صلاحاً، إنها تزيل التحاسد والتباغض، إنها تخرج ما في قلوب الفقراء إذا رأوا مال الأغنياء، فعند ذلك يحل الوئام، وتحل المحبة، تعبد الله تعالى بإخراج جزء واجب شرعا في مال معين لطائفة، أو جهة مخصوصة في وقت مخصوص، إنها تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، إنها تقرب العبد إلى ربه، إنها تزيد في ماله حقيقة، ففي الدنيا يبارك لهم، وفي الآخرة أجرهم مضاعف عند ربهم، والله يمحو بها الخطايا، وينجي بها من حر القيامة، وهي من أسباب دخول الجنة، ومن أسباب طلب العلم في الحقيقة أيضا. 

لأنه يتعلم المسائل التي لابد منها ليعرف كيف يؤدي زكاة ماله من أنواع الأموال، والأنصبة، والمستحقين، ونحو ذلك، إنها تعود النفس على البذل، على الكرم، على الإعطاء، إنها تستوجب اتصاف المزكي بصفات عظيمة كالرحمة، والعطف، والراحمون يرحمهم الله، إنها تشرح الصدر، قال ابن القيم رحمه الله “البذل والكرم من أسباب انشراح الصدر” لكن لا يستفيد منه إلا الذي يعطي بسخاء وطيب نفس، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرجه من يده، أما من أخرج المال من يده لكنه في قرارة قلبه فلن ينتفع بهذا البذل، فكم في الأرض من فقراء المسلمين؟ وكم في البلاد من المعدمين المساكين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، قد تسلط عليهم عباد الصليب، وأعداء الله، ففي إخراج الزكاة مزاحمة لهؤلاء المشركين، ومنع شرهم، وكف شركهم عن المسلمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى