الدكروري يكتب: الويل الشديد لمانع الزكاة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فريضة الزكاة، ولقد حذرنا ربنا سبحانه من منع الزكاة، وبين أن الويل الشديد لمانع الزكاة، والعقوبة قد تعجل في الدنيا بحصول الكوارث والنهب والسلب، ومحق البركة، وفي الآخرة أشد العذاب، وقد جاء في الحديث ما من رجل ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره.
كلما ردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، قيل يا رسول الله فالإبل، قال ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، قيل يا رسول الله فالبقر والغنم، قال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وإن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أمواله، وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا” وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعة الله” رواه مسلم، وإن الله عز وجل خلقنا واستخلفنا في المال، وجعل له تعالى حقا فيه، وحقا لعباده، وهذه الزكاة قديمة من شرائع الأنبياء، وإنها من صفات عباد الله المؤمنين كما قال تعالى ” والذين هم للزكاة فاعلون ” وإنها تطهير للنفس عن الشح والبخل.
وإنها من مباني الإسلام، وأركانه العظام كما في حديث بني الإسلام على خمس وإيتاء الزكاة، فمن أداها ذاق طعم الإيمان، وعندما يخرجها مؤتجرا، أي طالبا للأجر فله أجرها، وإنه مواساة من الأغنياء للفقراء، ومن منعها كان عقابه في الدنيا أليما، فإنها تؤخذ منه رغما عنه، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا وإذا تمنع وتسلح يقاتل كما فعل الصديق رضي الله عنه واحتج بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله” فقال أبو بكر “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها”
ولقد أعرض البخيل والشحيح عن الفقير بجبهته التي في وجهه، ثم بجنبه، ثم بظهره، فولى ولم يعطهم شيئا، وهكذا تكوى بها جباههم، وجنوبهم، وظهورهم.