صاحب شعار «الدين لله والوطن للجميع».. مكرم عبيد باشا «لسان الوفد» و«خطيب ثورة 19»
ابن سعد، الخطيب المفوه لثورة 1919، المجاهد الأكبر، لسان الوفد، أول من أطلق شعار “الدين لله والوطن للجميع”، أول قبطي يتولى مسئولية رئيسية في حزب الأغلبية، ولد وليام مكرم عبيد في 25 أكتوبر عام 1889م في إحدى قرى مدينة قوص بمحافظة قنا لأشهر وأغني العائلات القبطية.
عمل والده في مجال الإنشاءات وبسبب جهوده في إنشاء خط السكة الحديدية بين نجع حمادي والأقصر حصل على لقب البكوية، وله 6 أشقاء (حلمي، ورياض، وجورج، وفكري، وليندا، ومارجريت)، التحق بالمدرسة التوفيقية الابتدائية بقنا، ثم بالكلية الأمريكية الثانوية بأسيوط، وتخرج فيها في عام 1905م، ودرس القانون في أكسفورد، وحصل على درجة امتياز في القانون في عام 1908م، واستكمل دراسته القانونية في ليون بفرنسا، وحصل على الدكتوراه عام 1912م.
خطيب الثورة
عمل سكرتيراً للوقائع المصرية والجريدة الرسمية في عام 1913م، وعُين سكرتيراً عاماً للجنة المستشارين البريطانية بوزارة الحقانية في عام 1915م، واستقال منها في عام1919 م، وعمل أستاذًا بمدرسة الحقوق في عام 1919م، وانضم إلى حزب الوفد، وعمل في مجال الترجمة والدعاية ضد الإنجليز، وفصل منها في عام 1921م، بعد إحالته لمجلس تأديب لمشاركته في مأدبة لسعد زغلول، وأرسله سعد إلى إنجلترا ممثلاً عن الوفد لشرح قضية مصر، وأصدر كتاباً هناك “الاستقلال التام إزاء مشروع منلر” وكلفه 900 جنيه من جيبه الخاص، وعاد إلى مصر، وألقي خطبة وسط استقبال حافل فألقي القبض عليه، وصدر قرار من المستشار اللنبي بنفيه مع سعد وباقي الوفديين إلى جزيرة سيشل.
انتخب بعد عودته عضواً بالبرلمان عام 1924م، وعُين سكرتيراً عاماً للوفد ووزيرا للمواصلات في وزارة مصطفى النحاس الأولى عام 1928م، ثم وزيرا للمالية وحتى عام 1937م، وحصل على الباشوية في عام 1936م، وكان عضوا بلجنة مفاوضات معاهدة عام 1936م، وانتخب نقيباً للمحامين في عام 1934م وحتى عام 1936م.
الخلاف مع النحاس
نشب خلاف بينه وبين مصطفى النحاس عام 1942م، جمع المخالفات التي رصدها أثناء توليه وزارة المالية في كتاب سُمى “الكتاب الأسود” وضم به بعض مواطن الفساد والرشوة بوزارات النحاس، وفُصل على أثره من مجلس النواب ومن حزب الوفد في عام 1943، فشكل “الكتلة الوفدية” التي أصدر لها جريدة “الكتلة” ، وعاد وزيراً للمالية في وزارة أحمد ماهر عام 1944م، ثم وزارة محمود النقراشي واستقال في عام 1946م.
وكرس وقته للدفاع عن المقبوض عليهم في تهم سياسية ومن لاحقه البوليس السياسي، واعتمد على التحليل المنطقي واستشهد بالقرآن في مرافعاته، كما دافع عن عباس العقاد حين اتهم بالذات الملكية، أطلق فكرة النقابات العمالية، ووضع كادر العمال، وتوفير تأمين اجتماعي لهم، كما وضع نظام التسليف العقاري الوطني، وصاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل، أيد نظام الجمهورية بعد ثورة 23 يوليو عام 1952م، وكان شاهداً بالمحاكم التي أقامتها، إلا أنه حُرم مع عشرين سياسيا بارزا من ممارسة حقوقهم السياسية أو أي دور في الحياة العامة .
تزوج السيدة عايدة ابنة مرقص حنا باشا في عام 1923، ولم يرزق بأبناء، أُصيب بالسرطان في أواخر الخمسينيات، وأجرى جراحة ناجحة، واستمر يقاوم المرض حتى توفى في 5 يونيو عام 1961م، وتم تأبينه في الكنيسة المرقسية بالأزبكية، وشارك فيها أنور السادات نيابة عن الرئيس جمال عبد الناصر، ودُفن بالقاهرة.
وقد نشر “الأهرام” في يوم 6 يونيو عام 1961م خبر الوفاة بالصفحة الأولى تحت عنوان “وفاة مكرم عبيد”:
(توفى في الساعة السابعة من مساء أمس الأستاذ مكرم عبيد وزير المالية السابق علة إثر إصابته بالتهاب رئوي دام ثلاثة أيام، وعندما بلغ الرئيس جمال عبد الناصر النبأ، أوفد الأستاذ صلاح الشاهد الأمين الأول للقصر الجمهوري لإبلاغ أسرته عزاء الرئيس).
واختتم الخبر بمختصر صغير لمشواره العملي، كما نُشر نعى الأسرة الصفحة الحادية عشرة، وتلاه نعى نقابة المحامين، ثم نعى أحد تلامذته ويُدعى “فائق قصبجي”.