الدكروري يكتب:  الملائكة مع أهل الذكر

 

الحمد لله، أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبيّنا محمدا عبد الله ورسوله خير من علَّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلّم تسليما مزيدا ثم أما بعد، إن الذكر هو خير الأعمال وأزكاها وأرفعها في الدرجات، وبه ندخل الجنات، ونرضي رب الأرض والسماوات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلمّوا إلى حاجتكم، قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم ما يقول عبادي؟ قالوا يقولون يسبحونك، ويكبرونك،

ويحمدونك، ويمجدونك، قال فيقول هل رأوني؟ قال فيقولون لا والله، ما رأوك، قال فيقول وكيف لو رأوني؟ قال يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا وتحميدا، وأكثر لك تسبيحا، قال، يقول فما يسألوني؟ قال يسألونك الجنة، قال، يقول وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب، ما رأوها، قال يقول، فكيف لو أنهم رأوها؟ قال يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة، قال فمم يتعوذون؟ قال يقولون من النار، قال يقول وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب، ما رأوها، قال يقول فكيف لو رأوها؟ قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا، وأشد لها مخافة، قال فيقول فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم” ررواه البخارى ومسلم.

فإن ذكر الله هو جنة الموحدين، ونور قلوب المتقين، وعلامة على صدق اليقين، وهو ملاذ الوجلين، وراحة قلوب المخلصين، ولأن الذكر حصن حصين من الشيطان عدو أهل الإيمان، فمن عمله مع أهل الغفلة ما حكاه ربنا عز وجل، فقال تعالى فى سورة المجادله “استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون” فعمله هو الإشغال عن الذكر لما يعلم من منزلته العظيمة، وأن الذكر سبب من أسباب التظلل في ظل الله يوم القيامة، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله” ومنهم رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، وإن أزكى الأعمال وخير الخصال وأحبها إلى الله ذي الجلال ذكر الله تعالى، روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم” قالوا بلى يا رسول الله، قال “ذكر الله تعالى” فالذاكرون الله تعالى هم السباقون في ميدان السير إلى الله والدار الآخرة، وهؤلاء عباد الله هم الذين أعد الله لهم النزل الكريمة والثواب العظيم، فذكر الله هو حياة القلوب، فلا حياة لها إلا به، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت” وليس للقلوب قرار ولا طمأنينة ولا هناءة ولا لذة، ولا سعادة إلا بذكر الله تعالى، وذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرح بعد الغم والهم، وهو تفريج الكربات.

وتيسر الأمور، وتحقق الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة، وما عولج كرب ولا أزيلت شدة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في الكرب “لا إله إلا الله العظيم، لا إله إلا الله الحليم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم” ويقول عليه الصلاة والسلام “دعوة ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ما دعا بها مكروب إلا فرّج الله كربه” وإن ذكر الله هو جالب للنعم، جالب للنعم المفقودة، وحافظ للنعم الموجودة، فما استجلبت نعمة وما حفظت نعمة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى، وذكر الله جل وعلا محط الأوزار وتكفير السيئات ورفعة الدرجات، وعلو المنازل عند الله تبارك وتعالى، فما حُطت الأوزار بمثل ذكره سبحانه، فقد روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تبارك وتعالى”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى