30 يونيو.. تقارب غير مسبوق على مستوى العلاقات “المصرية – الآسيوية”

شهدت العلاقات المصرية الآسيوية زخمًا غير مسبوق، على مدار العشر سنوات الماضية، انعكس في وتيرة عالية تمثلت في الزيارات الرفيعة على مستوى القمم والمستويات الوزارية وكبار المسئولين، وتعزيز التعاون الثنائي بين مصر والعديد من الدول والمنظمات الآسيوية، فضلًا عن الحضور المصري الفاعل في كافة الفعاليات والمؤتمرات ذات الصلة بالقضايا العربية لتعزيز العلاقات وتنسيق المواقف.

فبعد تولي الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مقاليد الحكم في يونيو 2014، عادت مصر إلى مكانتها الإقليمية المتميزة منذ تاريخها القديم، لما تتمتع به من معطيات حضارية وتاريخية وجيواستراتيجية وموارد طبيعية، وبالإضافة إلى الدوائر الراسخة في السياسة الخارجية المصرية، تبنَّت القيادة الجديدة سياسة التوجُّه شرقًا، التي تأتي ضمن رؤية شاملة لتطوير السياسة الخارجية والانفتاح على جميع دول العالم، وطبقًا للمتغيرات الدولية المستجدة، اتجهت السياسة الخارجية المصرية نحو تعزيز الشراكة مع القوى الآسيوية الصاعدة، استنادًا إلى تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، فبالإضافة لكونها أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، فضلًا عن تمتعها بثروات نفطية ضخمة، فإن عددًا من دولها أصبحت في العقود الأخيرة قوة اقتصادية صاعدة، مما جعل الكثيرين ينظرون إليهاعلى أنها قارة المستقبل.

ويُعد التعاون في المجالات الفنية والتقنية أهم ركائز العلاقات المصرية بالدول الآسيوية لاسيما في مجالات التعليم العام والعالي، والصحة، والتدريب وبناء القدرات، والتكنولوجيا والبحث العلمي، والتبادل الثقافي، والسياحة، والبنية التحتية، والاستثمار، والتجارة، حيث شهدت تلك الأعوام الأخيرة، زخمًا في العلاقات “المصرية – الآسيوية” تنفيذًا لرؤية القيادة السياسية المصرية نحو تعميق العلاقات مع الدول الآسيوية من خلال تحقيق أقصى استفادة من خبرات العديد من الدول الآسيوية الرائدة في المجالات المشار إليها.

وعلى صعيد الدبلوماسية متعددة الأطراف، والتي تمثل حجر الزاوية في السياسية الخارجية المصرية، استهلت مصر عام 2024 بإنجاز دبلوماسي كبير على الصعيد الإفريقي والدولي، بانضمامها رسميًا لمجموعة “البريكس”، وهو ما سيعزز من دورها الدبلوماسي سواء في محيطها العربي، والآفرو– آسيوي أو دوليًا، وداخل المنظمات الدولية والأوروبية والإقليمية، وعضوية مصر في هذه المجموعة المؤثرة والتي أصبحت تضم في عضويتها الآن 11 دولة، سيضفي المزيد من الحيوية والتأثير على السياسة الخارجية المصرية.

حجم التبادل التجاري
كما بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول منطقة وسط آسيا نحو 167 مليون دولار عام 2022، بفائض تجاري يبلغ نحو 42.8 مليون دولار لصالح مصر، وذلك وفقًا للتقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، والذي أوضح أن أبرز صادرات مصر للمنطقة تتمثل في الزيوت الأساسية، والعطور ومستحضرات التجميل، والفواكه والمكسرات الصالحة للأكل، والمنتجات الصيدلانية، في حين تتمثل أبرز واردات مصر من منطقة آسيا الوسطى في ملح الكبريت ومواد الجير والأسمنت، والقطن، والحديد والفولاذ.

وتُعد آسيا الوسطى منطقة ذات إمكانات تنموية عالية؛ حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي حوالي 405.7 مليار دولار عام 2022، وتظهر دول آسيا الوسطى هذه نموًّا قويًّا؛ حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي نحو 5.1% بالقيمة الحقيقية عام 2022، ومن المتوقع أن يصل معدل نمو متوقع للناتج المحلي الإجمالي إلى 4.1% عام 2023، يليه نمو بنسبة 4.2% في عام 2024.

كما شهدت العلاقات “الكازاخية – المصرية”، تطورات عديدة في الآونة الأخيرة؛ ما أتاح فرصا كثيرة للتعاون البناء بين البلدين خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية، كما تعتبر مصر شريكاً هاماً لكازاخستان في الشرق الأوسط وقارة إفريقيا، حيث تسعى مصرلإقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، بالإضافة إلى سعي البلدين لتعاون طويل الأمد في مجال تصدير الحبوب، في ضوء أن كازاخستان واحدة من أكبر مصدري القمح في العالم، ومن المتوقع أن يشهد هذا التعاون مزيداً من التطور في المستقبل القريب.

وفيما يتعلق بالهند، فهي الشريك التجاري الحادي عشر لمصر، على المستوى الدولي، وتعد السوق الهندية العاشرة عالميًّا في استقبال الصادرات المصرية، وتعتبر الهند عاشر أكبر مصدر للسوق المصرية؛ حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية في عام 2021 نحو 3,8 مليارات دولار، بنسبة زيادة سنوية قدرها 80% مع زيادة الصادرات المصرية إلى الهند، بنسبة 63%؛ لتصبح الهند أكبر وجهة تصدير للصادرات المصرية.

العلاقات “الصينية – المصرية”
كما شهدت العلاقات “الصينية – المصرية” ازدهارًا، حيث اتخذت حكومات الدولتين العديد من خطوات تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري على مدار السنوات السابقة؛ ما أسفر عن التوصل إلى حوالي 63 اتفاقية، تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين، ووقَّع الجانبان في يناير 2016، مذكرة تفاهم حول كيفية تعزيز التعاون وقد نتج عن هذه المذكرة دخول العديد من المنتجات الزراعية المصرية كـ(البرتقال والعنب) للسوق الصينية، بشكل تدريجي، وتم إطلاق مشاريع تعاونية كبرى؛ تهدف إلى تحسين مستوى المرافق وشبكات توزيع الكهرباء،واتفقت مصر والصين على شراكة إستراتيجية متكاملة عام 2014، وأصبحت مصر رابع أكبر شريك للصين في القارة الإفريقية، حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لمصر.

كما شكلت فترة رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي نقلة مهمة بالنسبة للصين، فقد مثَّلت مصر بوابتها للعبور الآمن للقارة الإفريقية، وهو ما ظهر جليًّا في دعم مصر ومشاركتها في منتدى (الصين إفريقيا)، وذلك في إطار حرصها على توفير وتطوير أدوات وقدرات الاتحاد ومفوضياته؛ لتلبية تطلعات الشعوب الإفريقية، وتعزيز أُطُر التنمية المستدامة؛ لتوفير مزيد من فرص العمل للشباب الإفريقي.

فيما يتعلق باليابان ألقى الرئيس خطابا أمام البرلمان الياباني كأول رئيس عربي وثاني رئيس إفريقي في أول زيارة مصرية لليابان منذ أكثر من 16 عامًا، ومشاركة مصر بقمة منتدى الهند إفريقيا 2015، وفتح آفاق جديدة للتعاون مع عدد من الدول الآسيوية والتي جسدتها زيارة الرئيس لدول إندونيسيا وسنغافورة وكازاخستان.

وزار الرئيس فيتنام عام 2017 كأول زيارة لرئيس مصري منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1963.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى