الحب العميق والإنتماء الصادق .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم أما بعد لقد غرس الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم في نفوس الصحابة حب الوطن وحمايته والانتماء إليه وهو القدوة والمثل الأعلى في حنينه لوطنه واشتياقه إليه فعن عبد الله بن عدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحزورة من مكة يقول ” والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ” فما أروعها من كلمات فهي كلمات قالها الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم وهو يودع وطنه، وإنها تكشف عن حب عميق.

وانتماء صادق وتعلق كبير بالوطن، بمكة المكرمة، بحلّها وحرمها، بجبالها ووديانها، برملها وصخورها، بمائها وهوائها، هواؤها عليل ولو كان محملا بالغبار، وماؤها زلال ولو خالطه الأكدار، وتربتها دواء ولو كانت قفارا، ولقد عاتب الله عز وجل أحد الصحابة الأطهار لما أراد بحسن نيته أن يتخذ حليفا وظهيرا من قريش لما علم أن الرسول يقصدهم،وأنزل فيه آية فقال تعالي ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ” فينبغي علي أفراد الأمة أن يحفظوا أسرار وخطط بلادهم وأن لا يتخذوا من أعدائهم نصيرا أو وليا أو معينا على هدم البلاد والأوطان وخرابها وفسادها من أجل مصالح مادية أو أهواء شخصية أو أفكار متطرفة أو غير ذلك من المآرب الأخرى، وكما يجب على كل أبناء الوطن أن يكونوا عيونا ساهرة لحماية أمن الوطن. 

وأن يتضامنوا في درء أي خطر يتهددهم وأن يتكاتفوا جميعا عن بكرة أبيهم وبلا إستثناء علي ردع كل من تسوّل له نفسه أن يجترئ علي الوطن وأن يسعى بذمتهم أدناهم، وأن يكونوا يدا علي من سواهم، بغض النظر عن عقائدهم فيجب أن يتعاونوا جميعا مسلمين وغير مسلمين،

ولقد هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ولم تكن هناك دولة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام الدولة الإسلامية في المدينة على ثلاثة أسس رئيسية، فكن الأساس الأول هو بناء المسجد فكان أول خطوة قام بها في سبيل هذا الأمر وهو بناء المسجد، ولا غرو ولا عجب، فإن إقامة المسجد أول وأهم ركيزة في بناء المجتمع الإسلامي، ذلك أن المجتمع المسلم إنما يكتسب صفة الرسوخ والتماسك.

بإلتزام نظام الإسلام وعقيدته وآدابه وإنما ينبع ذلك كله من روح المسجد ووحيه، ولقد فطن الغرب إلى أهمية ومكانة المسجد في بناء الدولة الإسلامية وفي ذلك يقول أحد المستشرقين يدعى زهير “ما زال المسلمون في قوة مادام معهم القرآن والمسجد” وذلك لأن المسجد مجمع الفوائد كلها حيث قال الحسن البصري “أيها المؤمن لن تعدم المسجد إحدى خمس فوائد أولها مغفرة من الله تكفر ما سلف من الخطيئة، وثانيها إكتساب رجل صالح تحبه في الله، وثالثها أن تعرف جيرانك فتتفقد مريضهم وفقيرهم، ورابعها أن تكف سمعك وبصرك عن الحرام، وخامسها أن تسمع آية تهديك” وفي المسجد في عهد سلفنا الصالح وصدر هذه الأمة الوضاء كان منطلقا للجيوش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى