العاصمة الإدارية .. أيقونة العمران الذكى

رانيا البدرى
لقد تجلت الإرادة السياسية فى أبهى صورها، فلم تمض عدة سنوات ، إلا وكان الحلم قد تحقق، وتحولت مساحات كبيرة من الصحراء إلى كيان حقيقي، لتكون عاصمة إدارية جديدة وواحدة من مدن الجيل الرابع ومركزا للمال والأعمال والترفيه والمسكن الراقى على مساحة تقدر بنحو 170 ألف فدان (688 كم²)، لتصبح العاصمة أكبر من مساحة سنغافورة , بل أكبر بأربعة أضعاف من مساحة مدينة واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
أما لماذا تقرر إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة؟ فلا يخفى على أحد منكم ، حالة الاختناق التى أصابت القاهرة التاريخية، بفعل الوجود السكانى الكثيف، والزحام المرورى الشديد، وعدم القدرة على التوسع والامتداد العمراني، ومن هنا تقرر إنشاء العاصمة الإدارية للتخفيف من حدة الازدحام بمدينة القاهرة، ولتكون العاصمة الجديدة مقرا لحكم مصر ، بما تضمنته من مقرات حديثة ومتطورة لرئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ومجلسى النواب والشيوخ، والوزارات، والهيئات والجهات الحكومية، وكذلك سفارات وقنصليات الدول الأجنبية، ومن المأمول أن تصبح العاصمة الجديدة المركز المالى لمصر، حيث يوجد بها حى المال والأعمال الذى سيضم مقرات ومكاتب إقليمية لكبريات الشركات والبنوك المصرية والعالمية، إلى جانب مقر قيادة الدولة الإستراتيجي، ومدينة الفنون والثقافة، ومدينة مصر الدولية للألعاب الأوليمبية، ومدينة المعرفة، والنهر الأخضر الذى يمتد لأكثر من 35 كيلومترا ، مما يجعله أكبر ستة أضعاف من سنترال بارك فى مدينة نيويورك.
وكما يبدو ، فإن أراضى العاصمة الإدارية صحراوية ذات تربة رملية لا يوجد بها أنهار أو وديان، وهى منطقة شبه سهلية يوجد بها بعض الارتفاعات، لكنها تحولت إلى معجزة عمرانية فى قلب الصحراء، فعند التجول بين شوارع ومناطق العاصمة، تجد الحى الحكومى الذى بدأ العمل به فى عام 2015 على مساحة 150 فدانا ، تشغل المبانى مساحة 28% فقط، وباقى المساحة هى مسطحات خضراء، ويصل عدد العاملين به إلى 5500 موظف ويشمل 10 مجمعات وزارية بإجمالى 34 وزارة، بالإضافة لمبنى رئاسة مجلس الوزراء ومبنى مجلس النواب ومحور رئيسى يتوسط المبانى الوزارية بمسطح 430 ألف م2، كما تتوسط الحى الحكومى منطقة بلازا، تضم ساحة ترفيهية للموظفين ، وتمتد فيه الحدائق والنوافير، بينما تبلغ مساحة كل مجمع 170 ألف متر مربع من المجمعات العشرة بإجمالى 1.5 مليون متر مربع .
نأتى إلى حى المال والأعمال، والذى يمثل المركز المالى للعاصمة الإدارية الجديدة، تم إنشاؤه ليكون مركزا ومقرا إقليميا لكبريات الشركات والبنوك المصرية والعالمية، وتبلغ مساحته نحو 1703 كم²، وبحجم استثمارات يصل إلى نحو 3.4 مليار دولار، ويضم الحى فى مرحلته الأولى 18 برجا بارتفاعات تتراوح بين 100 و385 مترا، حيث تتنوع الأبراج ما بين 10 أبراج ذات نشاط إداري، و5 أبراج بنشاط سكني، و3 أبراج بنشاط مختلط، ومن أبرز تلك الأبراج البرج الأيقونى الذى يبلغ ارتفاعه نحو 385 مترا، ليكون بذلك أطول برج فى قارة إفريقيا، بالإضافة إلى أبراج أخرى عديدة من بينها انفنتي، ودايموند، وتاج مصر، وغيرها.
من التعليم إلى الترفيه، حيث يقع مشروع النهر الأخضر، ومنطقة الحدائق المركزية التى تضم مناطق ترفيهية بمعايير عالمية، يسهل الوصول إليها عن طريق شبكة متكاملة من ممرات للمشاة، وأخرى للدراجات، وسيستمتع بها جموع المصريين من مختلف شرائح المجتمع ويحتوى المشروع على مساحات خضراء، وبحيرات، وملاعب، وممرات للدراجات ومجمعات مطاعم، ومناطق ترفيهية، ومساحات تم تخصيصها لإقامة مشروعات استثمارية مستقبلية، كما يضم المشروع بحيرة القراءة، والعلوم، وحديقة تعليمية للأطفال، والساحة الاحتفالية، والحديقة التراثية، والنادى الريفي، والنادى الرياضي، والساحة المركزية ومجمع المطاعم، والسينما المفتوحة، والحديقة التفاعلية، وحديقة الأعمال الفنية، وواحة الرفاهية، وكلها أنشطة ترفيهية سوف تجذب رواد العاصمة ومستثمريها والمقيمين بها، والعاملين فيها.
وعمر العاصمة الإدارية كما يقول رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الدكتور مهندس خالد عباس هو 7 سنوات فقط ، وتبلغ مساحة المرحلة الاولى منها نحو40 ألف فدان، وهى مدينة ذكية تنتمى إلى مدن الجيل الرابع والذكاء الاصطناعى وما يوفره من راحة وجودة حياة للقاطنين فى كل مناحى الحياة اليومية .. ولاشك أنها تمثل الحل الجذرى والمثالى للزيادة السكانية الهائلة التى تمثل ضغطا كبيرا على القاهرة العاصمة التاريخية، وعواصم المحافظات المختلفة، وجاءت العاصمة الإدارية مجتمعا حضريا جديدا بمواصفات حديثة، يستوعب الزيادة السكنية، بالإضافة إلى تخفيف الازدحام والتكدس فى القاهرة، من خلال نقل وإنشاء عدد من المشاريع مثل الحى الحكومى بما يتضمنه من وزارات، وهيئات مختلفة، ومقار السفارات بالقاهرة، والعديد من الهيئات التى تتعامل مع الجمهور، كما كان أحد أهم أهداف المشروع هو إنشاء مدينة ذكية مستدامة خضراء توفر جودة حياة مختلفة للمواطن المصرى .. فالعاصمة تمثل مشروعا جاذبا للاستثمار الأجنبي، ووفر الملايين من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للشباب، وأكد أن العاصمة الإدارية الجديدة أثرت بشكل واضح على السوق العقارى فى مصر من خلال ما يزيد على (500) مشروع يتم تطويرها حاليا من خلال أكثر من (400) مطور عقاري، بالإضافة إلى تأثيرها الواضح والمباشر على العمران فى المدن المحيطة كمدينة بدر والشروق والقاهرة الجديدة وبعض المدن التابعة للقطاع الخاص، حيث زادت معدلات العمران فى تلك المدن بالتبعية، كما أرست العاصمة الإدارية الجديدة مستوى مختلفا من جودة الحياة يحتذى به فى كل المدن الجارى إنشاؤها على مستوى الجمهورية.
من ناحية الشكل الجمالى للعاصمة وتصميمها الفني،فإن إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية بحسب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب الدكتور مهندس خالد عباس- قد سعت إلى خلق هوية بصرية خاصة بها تظهر فى كل مشاريعها ولاسيما مبانى الحى الحكومى التى تتخذ طابعا هندسيا مصريا يشابه ما بناه المصريون القدماء، حيث نجد زهرة اللوتس ومفتاح الحياة فى الحديقة المركزية والساحة الداخلية لمجلس الوزراء والعديد من المشروعات الأخري، بالإضافة إلى واجهات العديد من المباني.والعاصمة الإدارية الجديدة كأى مشروع فى العالم يواجه بعض التحديات من وقت لآخر ، يختلف طبقا للظروف التى تواكب مراحل الإنشاء المختلفة … فمشروع العاصمة الإدارية هو جزء من الدولة وما تواجهه من تحديات ولكن بفضل الله ثم دعم ومؤازرة القيادة السياسية وإرادة القائمين على المشروع تم التغلب على كل تلك التحديات وأكبر دليل على ذلك هو وضع العاصمة الإدارية الانشائى والمالى بعد مرور سبع سنوات فقط من بداية المشروع.