أخر الأخبار

مصطفى أحمد يكتب ” روضة السَّحَر “

" ومما لا يعلمون "

 

 

 

 

{ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ }

 

 

” التنوع في المخلوقات سنة إلهية وآية كونية فإذا كانت المخلوقات قد تنوعت من أصل واحد كالإنسان خُلق من تراب وخرج منه ذكر وأنثى وأبيض وأسود وطويل وقصير ، وكالنبات يُغرس في تربة واحدة ويُسقى بماءٍ واحد ثم يخرج ألوانا وأصنافا نُقبل على بعضها ونشتهيه ونعرض على الآخر ونزدريه فلا عجب إذن أن يتفرع هذا الإختلاف إلى نوع من الأنواع فيختلف الإنسان الواحد في التصرف وطريقة التفكير ويختلف النبات الواحد في الطعم واللون والرائحة ثم لا عجب أن يتطور هذا الإختلاف ويتوغل في الدقة أو يَتَغَوَّلُ في الضخامة إلى حد العجز عن إدراكه كالشعور فسبحان الذي خلق المشاعر ، وربما كانت هي الأخرى أزواجا تتآلف وتختلف وتتنوع وتتزاوج بدون الأجساد ، فيتزاوج شعور ينتج عنه غضب مع شعور ينتج عنه غيرة فيخرج منهما شعور ثالث ينتج عنه انتقام ، أو يتزاوج شعور ينتج عنه خوف مع شعور ينتج عنه حزن فيخرج منهما ثالث ينتج عنه اكتئاب ، أو غِبطة مع حماس فيخرج منهما انتصار ، 

 

 

 

 

 

 

فلم يقل الله سبحانه عن الأزواج المجهولة في الآية الكريمة ” ومما لا يشعرون ” بل قال سبحانه : ” ومما لا يعلمون .. ” 

 

 

 

 

 

 

والعلم في فهم الإنسان هو كل شيء يدخل في حيز المادة والشعور حتى الآن ليس له توصيف علمي ولا تعريف منطقي وليس له هيكل ولا جسم ولا أبعاد وكل التعاريف التي حاولت الإحتكاك بالشعور لم تستطع أن تقبض عليه في تعريف محكم لأنهم يعرفون الشعور بأنه تأثر الإنسان بالأشياء المحيطة به و ينتج عنه مجموعة من ردود الأفعال كالغضب والهدوء والفرح والحزن ،

 

 

 

 

 

 

 والحق أن هذه كلها نتائج للشعور وليس الشعور ذاته ، فلا يستطيع أحدنا أن يقبض على ذاتية الشعور ويقول : ” ها أنا ذا أمسكت بها ” ولا شك أن الشعور من مخلوقات الله ؛ إذن فلا مانع أبدا أن يكون ضمن الآية الكريمة فيكون أزواجا مخلوقة لا نعلمها ، والحق أنها كذلك ، حتى إسم الشعور هو إسم استخدمه الإنسان للتداول وليس للتعريف ، وليس من عجب أيضا أن يتشعب التنوع في أشياء أخرى لا حصر لها في شيء أصغر من الفيروس والميكروب والذرة ، وأكبر من النجم والكوكب والمجرة ، وفي شيء أعجز عن التعريف حتى من الشعور فقد قال سبحانه

 

” ومما لا يعلمون … ” 

 

______________

 

 

م . أ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى